الملك فبقي كذلك ولو كان المستولي عليه مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد ثم ظهر عليه المسلمون فأخرجوه إلى دار الاسلام أخذه المالك القديم بغير شئ قبل القسمة وبعدها لأنه حر من وجه والحر من وجه أو من كل وجه لا يحتمل التملك بالاستيلاء ولهذا لا يحتمله بسائر أسباب الملك فإذا حصلوا في أيدي الغانمين وجب ردهم إلى المالك القديم ولو وهب الحربي ما ملكه بالاستيلاء لرجل من المسلمين أخذه المالك القديم بالقيمة ان شاء لان فيه نظرا للجانبين على ما بينا وكذلك لو باعه من مسلم بعوض فاسد بان باع من مسلم عبد المسلم بخمر أو خنزير أخذه صاحبه بقيمة العبد لان تسمية الخمر والخنزير لم تصح فكان هذا بيعا فاسدا والبيع الفاسد مضمون بقيمة المبيع فصار كأنه اشتراه بقيمته ولو لم يكن العوض فاسد اخذه بالثمن الذي اشتراه به ان شاء إن كان اشتراه بخلاف جنسه لان الاخذ عند اختلاف الجنس مفيد وكذلك لو كان اشتراه بجنسه لكن بأقل منه فإنه يأخذه بمثل ما اشتراه ولا يكون هذا ربا أ لان الربا فضل مال قصد استحقاقه بالبيع من غير عوض يقابله والمالك القديم لا يأخذه بطريق البيع بل بطريق الإعادة إلى قديم ملكه فلا يتحقق الربا وإن كان اشتراه بجنسه بمثله قدرا لا يأخذه لأنه لا يفيد ولو اشتراه رجل من العدو ثم باعه من رجل آخر ثم حضر المالك القديم أخذه من الثاني بالثمن الثاني وليس له ان ينقض البيع الثاني ويأخذ بالثمن الأول من المشترى الأول في ظاهر الرواية وروى عن محمد رحمه الله في النوادر ان المالك بالخيار ان شاء نقض البيع وأخذه بالثمن الأول وان شاء أخذه بالثمن الثاني (وجه) رواية النوادر أن أخذ المالك القديم تملك ببدل فأشبه حق الشفعة ثم حق الشفيع مقدم على حق المشترى فكذا حقه والجامع أن حق كل واحد منهما سابق على حق المشترى والسبق من أسباب الترجيح وجه ظاهر الرواية أنه لا ملك للمالك القديم في المحل بوجه بل هو زائل من كل وجه وإنما الثابت له حق الإعادة وانه ليس بمعنى في المحل فلا يمنع جواز البيع فلا يملك نقضه بخلاف حق الشفعة فان الشفيع يتملك نقض المشفوع فيقتضى الاخذ بالشفعة بتمليك البائع منه على ما عرف وعلى هذا الأصل إذا علم المالك القديم بشراء المأسور وترك الطلب زمانا لا يبطل حقه لان هذا الاخذ ليس في معنى الاخذ بالشفعة ليشترط له الطلب على سبيل المواثبة وعلى قياس ما روى عن محمد رحمه الله يبطل كما يبطل حق الشفعة بترك الطلب على المواثبة وكذلك هذا الحق يورث في ظاهر الرواية حتى لو مات المالك القديم كان لورثته أن يأخذوه وعلى قياس ما روى عن محمد رحمه الله لا يورث كما لا يورث حق الشفعة والصحيح جواب ظاهر الرواية لان هذا الاخذ ليس ابتداء تملك بل هو إعادة إلى قديم الملك بخلاف الاخذ بالشفعة وحق الإعادة إلى قديم الملك مما يحتمل الإرث كحق الرد بالعيب وليس لبعض الورثة أن يأخذوا ذلك دون البعض لأنه حق ثبت للكل فلا ينفرد به البعض ولو اشترى الماسور رجل فأدخله دار الاسلام ثم اشتراه العدو ثانيا فاشتراه رجل آخر فأدخله دار الاسلام فالمشترى الأول أحق من المالك القديم وليس للمالك القديم أن يأخذه من المشترى الثاني لأنه لما أسر من يد المشترى الأول نزل المشترى الأول منزلة المالك القديم فكان حق الاخذ له لكن إذا أخذه المشترى الأول فللمالك القديم أن يأخذه بالثمنين ان شاء أو يدع لأنه لما أخذه المشترى الأول بالثمن فقد قام عليه بالثمنين فكأنه اشتراه بهذا القدر من المال ولم يوجد الأسر أصلا ولو أعتق الحربي العبد المأسور في دار الحرب أو دبره أو كاتبه أو كانت أمة فاستولدها ثم ظهر المسلمون عليها فذلك كله جائز وعتقت هي وأولادها وكذا المدبر والمكاتب (أما) إذا أعتقه فلان يده زالت عنه وهو مسلم فحصل في يد نفسه فعتق عليه كالعبد الحربي إذا خرج الينا مسلما والاستيلاء فرع النسب والنسب يثبت في دار الحرب وقهر الحربي كموته وان مات عتقت أم ولده كما إذا غلبت عليه وعتق المدبر لهذا المعنى والمكاتب صار في يد نفسه لزوال يد المولى عنه وهو مسلم فيعتق ولأنه إذا قهر المولى سقط عنه بدل الكتابة فعتق لزوال رقه ولو كان الماسور حرا فاشتراه مسلم وأخرجه إلى دار الاسلام فلا شئ للمشترى على الحر لأنه ما اشتراه حقيقة إذ الحر لا يحتمل التملك لكنه بذل مالا لاستخلاص الأسير بغير اذنه فكان متطوعا فيه فلا يملك الرجوع عليه وان أمره الحر بذلك ففعله بأمره رجع
(١٢٩)