لتراضيهما بالضرر وكذا لو كان مع الرقيق غيره قسم كذا ذكره في كتاب القسمة لأنه إن كان لا يحتمل القسمة مقصودا فيجعل تبعا لما يحتملها فيقسم بطريق التبعية كالشرب والطريق انه لا يجوز بيعهما مقصودا ثم يدخلان في البيع تبعا للنهر والأرض كذا هذا وذكر الجصاص ان المذكور في الأصل محمول على قسمة الرضا وأما قسمة القضاء فلا تجوز وإن كان مع غيره لان غير المقسوم ليس تبعا للمقسوم بل هو أصل بنفسه بخلاف الشرب والطريق وكذلك الدور عند أبي حنيفة لا تقسم قسمة جمع حتى لو كان بين رجلين داران تقسم كل واحدة على حدتها سواء كانتا منفصلتين أو متلاصقتين وعندهما ينظر القاضي في ذلك إن كان الأعدل في الجمع جمع وإن كان الأعدل في التفريق فرق وكذا لو كان بينهما أرضان أو كرمان فهو على الاختلاف وأما البيتان فيقسمان قسمة جمع اجماعا متصلين كانا أو منفصلين وكذا المنزلان المتصلان وأما المنفصلان في دار واحدة فعلى الخلاف وجه قولهما ان الدور كلها جنس واحد والتفاوت الذي بين الدارين يمكن تعديله بالقيمة فيفوض إلى رأى القاضي ان رأى الأعدل في التفريق فرق وان رأى الأعدل في الجمع جمع (ولأبي) حنيفة رحمه الله على نحو ما ذكرنا في الرقيق ان القسمة فيها باعتبار أعيانها ويقع ضرر التفاوت متفاحشا بين دار ودار لاختلاف الدور في أنفسها واختلافها باختلاف البناء والبقاع فكانا في حكم جنسين مختلفين والقسمة فيها باعتبار القيمة تقع تصرفا في غير محله فلا يصح ولو اقتسما بأنفسهما أو بالقاضي بتراضيهما جاز لما مر والله سبحانه وتعالى أعلم وأما دار وضيعة أو دار وحانوت فلا تجمع بالاجماع بل يقسم كل واحد على حدة لاختلاف الجنس ومنها الطلب في أحد نوعي القسمة وهو قسمة الجبر حتى أنه لو لم يوجد الطلب من أحد الشركاء أصلا لم تجز القسمة لان القسمة من القاضي تصرف في ملك الغير والتصرف في ملك الغير من غير إذنه محظور في الأصل الا انه عند طلب البعض يرتفع الحظر لأنه إذا طلب علم أنه له في استيفاء هذه الشركة ضررا إذ لو كان الطلب لتكميل المنفعة لطلب صاحبه وكان عليه ان يمتنع من الاضرار ديانة فإذا أبى القسمة علم أنه لا يمتنع فيدفع القاضي ضرره بالقسمة فكانت القسمة في هذه الصورة من باب دفع الضرر والقاضي نصب له ونظيره الشفعة فان الشفيع يتملك الدار على المشترى بالشفعة من غير رضا دفعا لضرره لأنه لما طلب الشفعة علم أنه يتضرر بجواره فالشرع دفع ضرره عنه باثبات حق التمليك بالشفعة جبرا عليه كذا هذا (ومنها) الرضا في أحد نوعي القسمة وهو رضا الشركاء فيما يقسمونه بأنفسهم إذا كانوا من أهل الرضا أو رضا من يقوم مقامهم إذا لم يكونوا من أهل الرضا فإن لم يوجد لا يصح حتى لو كان في الورثة صغير لا وصى له أو كبير غائب فاقتسموا فالقسمة باطلة لما ذكرنا ان القسمة فيها معنى البيع وقسمة الرضا أشبه بالبيع ثم لا يملكون البيع الا بالتراضي فكذا القسمة الا إذا لم يكونوا من أهل الرضا كالصبيان والمجانين فيقسم الولي أو الوصي إذا كان في القسمة منفعة لهم لأنهما يملكان البيع فيملكان القسمة وكذا إذا كان فيهم صغير وله ولى أو وصى يقتسمون برضا الولي أو الوصي فإن لم يكن نصب القاضي عن الصغير وصيا واقتسموا برضاه فان أبى ترافعوا إلى القاضي حتى يقسم بينهم ومنها حضرة الشركاء أو من يقوم مقامهم في نوعي القسمة حتى لو كان فيهم كبير غائب لا تجوز القسمة أصلا ولا يقسم القاضي أيضا إذا لم يكن عنه خصم حاضر ولكنه لو قسم لا تنقص قسمته لأنه صادف محل الاجتهاد فلا ينقض ومنها البينة في قسمة القضاء في الاقرار بميراث الاقرار عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما ليست بشرط ويقسم باقرارهم فنقول جملة الكلام في بيان هذين الشرطين ان جماعة إذا جاؤوا إلى القاضي وهم عقلاء بالغون أصحاء في أيديهم مال فأقروا انه ملكهم وطلبوا القسمة من القاضي فهذا لا يخلو في الأصل من أحد وجهين (اما) ان يقروا بالملك مطلقا عن ذكر سبب واما ان يقروا بالملك بسبب ادعوا انتقال الملك به من أحد وكل وجه على وجهين (اما) أن يكون المال الذي في أيديهم منقولا واما أن يكون عقارا فان أقروا بالملك مطلقا عن سبب الانتقال قسم باقرارهم ويذكر في الاشهاد في كتاب الصك إني قسمت باقرارهم ولم أقض فيه على أحد ولا يطلب منهم البينة على أصل الملك منقولا
(٢٢)