لا يقبل سواء كان له خصومة في الحال أو لا لأنه إن كان له خصومة في الحال كان بمعنى الرشوة وان لم يكن فربما يكون له خصومة في الحال يأتي بعد ذلك فلا يقبل ولو قبل يكون لبيت المال هذا إذا كان الرجل لا يهدى إليه قبل تقليد القضاء فاما إذا كان يهدى إليه فإن كان له في الحال خصومة لا تقبل لأنه يتهم فيه وإن كان لا خصومة له في الحال ينظر إن كان اهدى مثل ما كان يهدى أو أقل يقبل لأنه لا تهمة فيه وإن كان أكثر من ذلك يرد الزيادة عليه وان قبل كان لبيت المال وان لم يقبل للحال حتى أنقضت الخصومة ثم قبلها لا بأس به ومنها أن لا يجيب الدعوة الخاصة بأن كانوا خمسة أو عشرة لأنه لا يخلو من التهمة الا إذا كان صاحب الدعوة ممن كان يتخذ له الدعوة قبل القضاء أو كان بينه وبين القاضي قرابة فلا بأس بأن يحضر إذا لم يكن له خصومة لانعدام التهمة فان عرف القاضي له خصومة لم يحضرها وأما الدعوة العامة فإن كانت بدعة كدعوة المباراة ونحوها لا يحل له أن يحضرها لأنه لا يحل لغير القاضي اجابتها فالقاضي أولى وإن كان سنة كوليمة العرس والختان فإنه يجيبها لأنه إجابة السنة ولا تهمة فيه ومنها أن لا يلقن أحد الخصمين حجته لان فيه مكسرة قلب الاخر ولان فيه إعانة أحد الخصمين فيوجب التهمة غير أنه ان تكلم أحدهما أسكت الآخر ليفهم كلامه ومنها أن لا يلقن الشاهد بل يتركه يشهد بما عنده فان أوجب الشرع قبوله قبل والا رده وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول أبى يوسف الأول ثم رجع وقال لا بأس بتلقين الشاهد بأن يقول أتشهد بكذا وكذا وجه قوله أن من الجائز أن الشاهد يلحقه الحصر لمهابة مجلس القضاء فيعجزه عن إقامة الحجة فكان التلقين تقويما لحجة ثابتة فلا بأس به ولهما أن القاضي يتهم بتلقين الشاهد فيتحرج عنه ومنها أن لا يعبث بالشهود لان ذلك يشوش عليهم عقولهم فلا يمكنهم أداء الشهادة على وجهها وإذا اتهم الشهود فلا بأس بأن يفرقهم عند أداء الشهادة فيسألهم أين كان ومتى كان فان اختلفوا اختلافا يوجب رد الشهادة ردها والا فلا ويشهد القاضي الجنازة لان ذلك حق الميت على المسلمين فلم يكن متهما في أداء سنة فيحضرها الا إذا اجتمعت الجنائز على وجه لو حضرها كلها لشغله ذلك عن أمور المسلمين فلا بأس أن لا يشهد لان القضاء فرض عين وصلاة الجنازة فرض كفاية فكان إقامة فرض العين عند تعذر الجمع بينهما أولى ويعود المريض أيضا لان ذلك حق المسلمين على المسلمين فلا يلحقه التهمة بإقامته ويسلم على الخصوم إذا دخلوا المحكمة لان السلام من سنة الاسلام وكان شريح يسلم على الخصوم لكن لا يخص أحد الخصمين بالتسليم عليه دون الآخر وهذا قبل جلوسه في مجلس الحكم فاما إذا جلس لا يسلم عليهم ولا هم يسلمون عليه اما هو فلا يسلم عليهم لان السنة أن يسلم القائم على القاعد لا القاعد على القائم وهو قاعد وهم قيام وأما هم فلا يسلمون عليه لأنهم لو سلموا عليه لا يلزمه الرد لأنه اشتغل بأمر هو أهم وأعظم من رد السلام فلا يلزمه الاشتغال كذا ذكر الفقيه أبو جعفر الهندواني في رجل يقرأ القرآن فدخل عليه آخر انه لا ينبغي له أن يسلم عليه ولو سلم عليه لا يلزمه الجواب وكذا المدرس إذا جلس للتدريس لا ينبغي لاحد أن يسلم عليه ولو سلم لا يلزمه الرد لما قلنا بخلاف الأمير إذا جلس فدخل عليه الناس انهم يسلمون عليه وهو السنة وإن كان سلاطين زماننا يكرهون التسليم عليهم وهو خطأ منهم لأنهم جلسوا للزيارة ومن سنة الزائر التسليم على من دخل عليه وأما القاضي فإنما جلس للعبادة لا للزيارة فلا يسن التسليم عليه ولا يلزمه الجواب ان سلموا لكن لو أجاب جاز ومنها أن يسأل القاضي عن حال الشهود فيما سوى حدود القصاص وان لم يطعن الخصم وهو من آداب القاضي عند أبي حنيفة رحمه الله لان القضاء بظاهر العدالة وإن كان جائزا عنده فلا شك ان القضاء بالعدالة الحقيقية أفضل وأما عندهما فهو من واجبات القضاء وكذا إذا طعن الخصم عنده في غير الحدود والقصاص وفى الحدود والقصاص طعن أو لم يطعن ثم القضاة من السلف كانوا يسألون بأنفسهم عن حال الشهود من أهل محلتهم وأهل سوقهم وإن كان الشاهد سوقيا ممن هو أتقى الناس وأورعهم وأعظمهم أمانة وأعرفهم بأحوال الناس ظاهرا وباطنا والقضاة في زماننا نصبوا للعدل تيسيرا للامر عليهم لما يتعذر على القاضي طلب المعدل في كل شاهد فاستحسنوا نصب العدل ثم نقول للتعديل شرائط بعضها يرجع إلى نفس العدل وبعضها يرجع إلى فعل
(١٠)