والمنفعة كالعين، ثم البيع الفاسد كالصحيح في استقرار البدل، فكذلك في الإجارة فإن كان العقد على منفعة في الذمة لم يجز بأجره مؤجلة، لان إجارة ما في الذمة كالسلم، ولا يجوز السلم بثمن مؤجل، فكذلك الإجارة، ولا يجوز حتى يقبض العوض في المجلس كما لا يجوز في السلم، ومن أصحابنا من قال: إن كان العقد بلفظ السلم وجب قبض العوض في المجلس لأنه سلم، وإن كان بلفظ الإجارة لم يجب لأنه إجارة والأول أظهر، لان الحكم يتبع المعنى لا الاسم. ومعناه معنى السلم فكان حكمه كحكمه، ولا تستقر الأجرة في هذه الإجارة إلا باستيفاء المنفعة، لان المعقود عليه في الذمة فلا يستقر بدله من غير استيفاء كالمسلم فيه:
(الشرح) حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رواه أحمد ولفظه (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره، وعن النجش واللمس والقاء الحجر) قال في مجمع الزوائد: رجال أحمد رجال الصحيح الا أن إبراهيم النخعي لم يسمع من أبي سعيد فيما أحسب. وأخرجه أيضا البيهقي وعبد الرزاق وإسحاق بن راهويه وأبو داود في المراسيل والنسائي في الزراعة غير مرفوع، ولفظ بعضهم (من استأجر أجيرا فليسلم له أجرته) وفى هذا الحديث دليل على وجوب بيان قدر الأجرة، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال مالك وأحمد بن حنبل وابن شبرمة: لا يجب للعرف واستحسان المسلمين، قال صاحب البحر: لا نسلم بل الاجماع على خلافه اه. ويؤيد قول المذهب القياس على ثمن المبيع.
اما حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول الله تعالى: ثلاثة انا خصمهم يوم القيامة، الحديث) فقد أخرجه أحمد والبخاري، وأخرجه أيضا البزار وفى اسناد البزار هشام بن زياد (أبو المقدام) وهو ضعيف قال ابن التين: هو سبحانه خصم لجميع الظالمين الا أنه أراد التشديد على هؤلاء بالتصريح، والخصم يطلق على الواحد والاثنين وعلى أكثر من ذلك.
وقال الهروي: الواحد بكسر أوله، قال الفراء في الطلاق الخصم على الواحد فأكثر هو قول الفصحاء، ويجوز في الاثنين خصمان، قلت: استعمل القرآن