صرة فيها مائة دينار، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال (عرفها حولا، فعرفتها فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته ثانيا فقال عرفها حولا فلم أجد، ثم أتيته ثالثا فقال احفظ وعاءها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها فاستمتعت، فلقيته بعد بمكة فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولا واحدا) وذكر البخاري الحديث في موضع آخر من صحيحه فزاد (ثم أتيته الرابعة فقال: اعرف وعاءها الخ) قال في فتح الباري: القائل فلقيته بعد بمكة هو شعبة، والذي قال لا أدري هو شيخه سلمة بن كهيل وهو الراوي لهذا الحديث عن سويد عن أبي، قال شعبة فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرفها عاما واحدا، وقد بين أبو داود الطيالسي في مسنده القائل: فلقيته والقائل لا أدرى، فقال في آخر الحديث قال شعبة فلقيت سلمة بعد ذلك فقال لا أدرى ثلاثة أحوال أو حولا واحدا، وبهذا يتبين بطلان قول ابن بطال أن الذي شك هو أبي بن كعب، والقائل هو سويد ابن غفلة، وقد رواه عن شعبة عن سلمه بن كهيل بغير شك جماعه، وفيه ثلاثة أحوال إلا حماد بن سلمه فإن في حديثه عامين أو ثلاثة، وجمع بعضهم بين حديث أبي هذا وحديث خالد بن زيد المذكور فيه سنه فقط بأن حديث أبي محمول على مزيد الورع عن التصرف في اللقطة والمبالغة في التعفف عنها، وحديث زيد على ما لا بد منه.
وجزم ابن حزم وابن الجوزي بأن الزيادة في حديث أبي غلط. قال ابن الجوزي: والذي يظهر لي أن سلمه أخطأ فيها ثم ثبت واستمر على عام واحد، ولا يؤخذ إلا بما لم يشك فيه، لا بما يشك فيه راويه. وقال أيضا: يحتمل أن يكون صلى الهل عليه وسلم عرف أن تعريفها لم يقع على الوجه الذي ينبغي، فأمر ثانيا بإعادة التعريف، كما قال للمسئ صلاته (ارجع فصل فإنك لم تصل) قال الحافظ بن حجر: ولا يخفى بعد هذا على مثل أبى مع كونه من فقهاء الصحابة وفضلائهم. قال المنذري (لم يقل أحد من أئمة الفتوى أن اللقطة تعرف ثلاثة أعوام إلا شريح عن عمر أربعة أقوال يعرف بها، ثلاثة أحوال، عاما واحدا، ثلاثة أشهر، ثلاثة أيام، وزاد ابن حزم عن عمر قولا خامسا وهو أربعة أشهر.