ابن يعلى، قال أبو حنيفة وهذا نص، ولأنه مال يعتبر فيه الحول فوجب أن يختلف فيه حال الغنى والفقير كالزكاة، ولأنه مال مسلم فوجب أن لا يحل إلا لمضطر قياسا على غير اللقطة.
ودليلنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم (فان جاء صاحبها وإلا فشأنك بها) وهو يقتضى التسوية بين الغنى والفقير، وروى أن أبي بن كعب وجد صرة فيها ثمانون دينارا أو مائة دينار فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفها حولا (فان جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها).
قال الشافعي رضي الله عنه: وأبى من أيسر أهل المدينة أو كأيسرهم، ولو لم يكن موسرا لصار بعشرين دينارا منها موسرا على قول أبي حنيفة. فدل على أن الفقر غير معتبر فيها وأن الغنى لا يمنع منها. وروى عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن علي بن أبي طالب وجد دينارا فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يعرف به ثلاثا فعرفه فلم يجد من يعرفه، فرجع به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: كله حتى إذا أكله جاء صاحب الدينار يتعرفه فقال علي رضي الله عنه: قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأكله فانطلق صاحب الدينار وكان يهوديا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءنا شئ أديناه إليك.
قال الشافعي رضي الله عنه: وعلى ممن يحرم عليهم الصدقة، لأنه من طينة بني هاشم، فلو كانت اللقطة تستباح بالفقر دون الغنى لحظرها عليه، ولان كل من كان من أهل الالتقاط جاز أن يرتفق بالكل والتملق كالفقير، ولان ما ثبت للفقير في اللقطة ثبت للغنى كالنسك والصدقة، ولان كل مال استباح الفقير اتلافه بشرط الضمان استباح الغنى اتلافه بشرط الضمان كالقرض، ولا يدخل عليه طعام المضطر لاستوائهما فيه، وقد يجعل المضطر أصلا فيقول: كل ارتفاق بمال الغير إذا كان مضمونا استوى فيه الغنى والفقير كأكل مال الغير المضطر، ولأنه استباحه اتلاف مال لغيره لمعنى في المال فوجب أن يستوي فيه حكم الغنى والفقير كالفحل الصائل، ولان كل ما استبيح تناوله عند الإياس من مالكه في الأغلب استوى فيه حكم الغنى والفقير كالركاز، ولان حال اللقطة في يد واجدها لا يخلو