كالوديعة، وإن حضر بعد ما ملكها فإن كانت باقية وجب ردها، وإن كانت تالفة وجب عليه بدلها، وقال الكرابيسي: لا يلزمه ردها ولا ضمان بدلها لأنه مال لا يعرف له مالك: فإذا ملكه لم يلزمه رده ولا ضمان بدله كالركاز، والمذهب الأول، لما روى أبو سعيد الخدري أن عليا كرم الله وجهه وجد دينارا فجاء صاحبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أده قال على: قد أكلته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاءنا شئ أديناه) ويخالف الركاز فإنه مال لكافر لا حرمة له، وهذا مال مسلم، ولهذا لا يلزمه تعريف الركاز، ويلزمه تعريف اللقطة، فإن كانت العين باقية فقال الملتقط: أنا أعطيك البدل، لم يجبر المالك على قبوله، لأنه يمكنه الرجوع إلى عين ماله، فلا يجبر على قبول البدل، وإن حضر وقد باعها الملتقط وبينهما خيار ففيه وجهان.
(أحدهما) يفسخ البيع، ويأخذ لأنه يستحق العين والعين باقية.
(والثاني) لا يجوز له أن يفسخ، لان الفسخ حق للعاقد، فلا يجوز لغيره من غير إذنه، وإن حضر وقد زادت العين، فإن كانت زيادة متصلة رجع فيها مع الزيادة، وإن كانت زيادة منفصلة رجع فيها دون الزيادة، لأنه فسخ ملك فاختلفت فيه الزيادة المتصلة والمنفصلة كالرد بالعيب (الشرح) الأحاديث المذكورة في هذين الفصلين سبق استيفاء الكلام عليها في الفصل قبلهما.
أما الأحكام: فقد قال الشافعي رضي الله عنه: ويأكل اللقطة الغنى والفقير ومن تحل له الصدقة وتحرم عليه. وهذا كما قال: يجوز لواجد اللقطة بعد تعريفها حولا أن يتملكها ويأكلها غنيا كان أو فقيرا. وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك إن كان فقيرا، ولا يجوز إن كان غنيا أن يتملكها، ويكون مخيرا بين أمرين: إما أن تكون في يده أمانة لصاحبها أبدا كالوديعة، وإما أن يتصدق بها، فان جاء صاحبها وأمضى صدقته فله ثوابها ولا غرم على الواجد، وإن لم يمض الصدقة فثوابها للواجد وعليه غرمها استدلالا بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فان جاء صاحبنا وإلا تصدق بها، وهو حديث في إسناده عمر بن عبد الله