النقيع كل موضع فيه الماء، وهذا النقيع المذكور غير نقيع الخضمات الذي جمع فيه أسعد بن زرارة بالمدينة على المشهور. وقال ابن الجوزي: إن بعضهم قال: إنهما واحد والأول أصح وأثر عمر سقناه في الفصل قبله في الرد على مالك، وأما خبر تولية هنئ مولى عمر فقد رواه البخاري عن أسلم مولى عمر وأخرجه عن الدراوردي عن زيد بن أسلم عن أبيه بلفظ المصنف. وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلا أما الأحكام فإن الحمى هو المنع من إحياء الموات ليتوفر فيه الكلأ فترعاه المواشي، لان الحمى في كلامهم هو المنع، والحمى على ثلاثة أنواع: حمى حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى أنه وقف على جبل يعمل فصلى عليه ثم قال: هذا حماى وأشار إلى النقيع وهو قدر ميل في ثمانية. وقال الماوردي ستة أميال فحماه لخيل المسلمين. ولان اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته أمضى، وقضاؤه فيهم أنفذ، وكان ما حماه لمصالحهم أولى أن يكون مقرا من إحيائهم وعمارتهم.
فأما حمى الامام بعده فإن أراد أن يحمى لنفسه أو لأهله أو للأغنياء خصوصا لم يجز، وكان ما حماه مباحا لمن أحياه.
وان أراد أن يحمى لخيل المجاهدين ونعم الجزية والصدقة ومواشي الفقراء نظر، فإن كان الحمى يضر بكافة المسلمين فقرائهم وأغنيائهم لضيق الكلأ عليهم فحمى أكثر مواتهم لم يجز. وإن كان لا يضر بهم لأنه قليل من كثير يكتفى المسلمون بما بقي من مواتهم ففيه قولان (أحدهما) لا يجوز أن يحمى لرواية مجاهد عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون شركاء في ثلاثة. الماء والغار والكلأ وثمنه حرام، وسيأتي تخريجه في باب حكم المياه، وحديث الصعب بن جثامة الذي سبق.