إلى ذلك، وان أراد أن يبنى دكة منع، لأنه يضيق به الطريق، ويعثر به الضرير وبالليل البصير فلم يجز، وان قام وترك المناع لم يجز لغيره أن يقعد فيه، لان يد الأول لم تزل، وان نقل متاعه كان لغيره ان يقعد فيه لأنه زالت يده، وان قعد وأطال ففيه وجهان:
(أحدهما) يمنع لأنه يصير كالمتملك، وتملكه لا يجوز (والثاني) يجوز لأنه قد ثبت له اليد بالسبق إليه، وان سبق إليه اثنان ففيه وجهان (أحدهما) يقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر (والثاني) يقدم الامام أحدهما، لان للامام النظر والاجتهاد، ولا تجئ القسمة لأنها لا تملك فلم تقسم.
(الشرح) حديث من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق، سبق لنا تخريجه أما الأحكام فقد مضى أكثر مسائل هذين الفصلين، أما ما كان من الشوارع والطرقات والرحاب (الميادين) بين العمران فليس لأحد احياؤه، سواء كان واسعا أو ضيقا، وسوء ضيق على الناس أو لم يضيق، لان ذلك يشترك فيه المسلمون وتتعلق به مصلحتهم فأشبه مساجدهم، ويجوز الارتفاق بالقعود في الواسع من ذلك للبيع والشراء على وجه لا يضيق على أحد ولا يضر بالمارة لاتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار على اقرار الناس على ذلك من غير إنكار، ولأنه ارتفاق مباح من غير اضرار فلم يمنع منه كالاجتياز والعبور.
وقال أحمد في السابق إلى دكاكين السوق غدوة فهو له إلى الليل، وكان هذا في سوق المدينة فيما مضى، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال (منى مناخ من سبق) وله أن يظلل على نفسه بما لا ضرر فيه من بارية ومظلة وكساء ونحوه لان الحاجة تدعو إليه، فإذا جرى العرف بمنعه الا بإذن السلطان لتنظيم صفوفهم وحصرهم فيما لا يخل بحرمة الطريق ومخاطر الآلات المستحدثة للركوب كالمترو والتروللي والترام والباس، والسيارات العام منها والخاص، وللسلطان أن يقيد المطلق أحيانا إذا اقتضت ذلك مصلحة أرجح من الاطلاق وجميع المدن المتحضرة في العالم اليوم لا تسمح بإشغال الطريق الا في حدود المترو ونحوه، وبترخيص يصدر