إحياء ولكن يصير أحق الناس به، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال (من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به) فإن نقله إلى غيره صار الثاني بمنزلته لان صاحبه أقامه مقامه، وإن مات فوارثه أحق به لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من ترك حقا أو مالا فهو لورثته من بعده) وهذا هو المذهب ومذهب أحمد رضي الله عنه وقال أبو إسحاق المروزي: إن حق التملك قد ثبت له فيصح له بيعه وقبض ثمنه، والمذهب أنه لا يصح له بيعه كالشفيع لا يصح له أن يبيع قبل أن يأخذ. وإن ثبت له الاختصاص وفرق بين الاختصاص والملك. والاختصاص لا يستلزم صحة البيع أو الهبة.
فإن سبق غيره فأحياه ففيه وجهان (أحدهما) أنه يملكه لان الاحياء يملك به والحجر لا يملك به فثبت الملك بما لم يملك به دون ما لم يملك به كمن سبق إلى معدن أو مشرعة ماء فجاء غيره فأزاله وأخذه (والثاني) لا يملكه، لأنه مفهوم قوله عليه السلام (من أحيا أرضا ميتة ليست لاحد) وقوله (في حق غير مسلم فهي له) أنها لا تكون له إذا كان لمسلم فهو أحق، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به) وروى سعيد بن منصور في سننه أن عمر رضي الله عنه قال (من كانت له أرض يعنى من تحجر أرضا فعطلها ثلاث سنين فجاء قوم فعمروها فهم أحق بها).
هذا يدل على أن من عمرها قبل ثلاث سنين لا يملكها، وهو مذهب أحمد رضي الله عنه، ومذهب الشافعي رضي الله عنه أن المدة في التحجر إذا طالت عرفا بلا عذر، فإن السلطان يقول للمتحجر: إما أن تحييه أو تتركه ليحييه غيرك، لأنه ضيق على الناس في حق مشترك بينهم فلم يمكن من ذلك كما لو وقف في طريق ضيق أو مشرعة ماء أو معدن لا ينفع ولا يدع غيره ينتفع.
فإن سأل الامهال لعذر له أمهل الشهر والشهرين ونحو ذلك، فان أحياه غيره في مدة المهلة ففيه الوجهان اللذان ذكرناهما، وان انقضت المدة ولم يعمر فلغيره أن يعمره ويملكه، لان المدة قد ضربت له لينقطع حقه بمضيها وسواء أذن له