ندمت ندامة لو أن نفسي * تطاوعني إذن لقطعت خمسي تبين لي سفاه الرأي منى * لعمر أبيك حين كسرت قوسي وهكذا لو عرض للرامي علة في يده أو أخذته ريح في يديه ضعف بها عن مد قوسه لم يحتسب عليه إن قصر أو أخطأ، لأنه لعارض يمنع وليس من سوء رمى أو قلة حذق.
قال الشافعي رضي الله عنه: فأما إن جاز السهم وأجاز من وراء الناس فهذا سوء رمى وليس بعارض غلب عليه فلا يرد إليه. يقال: جاز السهم إذا مر في أحد جانبي الهدف ويسمى خاصر وجمعه خواصر، لأنه في أحد الجانبين مأخوذ من الخاصرة لأنها في جانبي الانسان، ويقال: أجاز السهم إذا وقع وراء الهدف، فإذا جاز السهم وسقط في جانب الهدف أو أجاز فوقع وراء الهدف كان محسوبا من خطئة، لأنه منسوب إلى سوء رميه، وليس بمنسوب إلى عارض في يديه أو إليه.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: الجائز أن يقع في الهدف عن أحد جانبي الشن فعلى هذا إن كانت الإصابة مشروطة في الشن كان الجائز مخطئا، وإن كانت مشروطة في الهدف كان الجائز مصيبا، ويجوز أن يشترطا أن تكون إصابة سهامها جائزة فيحتسب بالجائز ولا يحتسب بغير الجائز.
قال الشافعي رضي الله عنه: ولو كان الشن منصوبا فمرق منه كان عندي خاسقا، ومن الرماة من لا يحتسبه إذا لم يثبت فيه.
أما السهم المارق فهو أن ينفذ في الشن وهو منصوب فوق الهدف ويخرج منه فيقع وراء الهدف فيحتسب به في القارع، فأما الخاسق ففي الاحتساب به قولان أحدهما: وهو منصوص الشافعي أنه يحتسب به خاسقا اعتبارا بالمعنى وأنه زائد على الخسق فيؤخذ فيه معنى الخسق. والقول الثاني حكاه الشافعي عن بعض الرماة أنه لا يحتسب به خاسقا اعتبارا بالاسم لأنه يسمى مارقا ولا يسمى خاسقا، فمن أصحابنا من أثبت هذا القول للشافعي، ومنهم من نفاه عنه، لأنه أضافه إلى غيره ولا يكون مخطئا، وإن لم يحتسب خاسقا لا يختلف فيه أصحابنا.