أما الوصية إلى المرأة فإنها تصح في قول أكثر أهل العلم، وروى ذلك عن شريح. وبه قال مالك الثوري والأوزاعي والحسن بن صالح وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد بن حنبل، ولم يجزه عطاء، لأنها لا تكون قاضية فلا تكون وصية.
دليلنا أن عمر رضي الله عنه أوصى إلى حفصة، ولأنها من أهل الشهادة فأشبهت الرجل، وتخالف القضاء، فان المعتبر له الكمال في الخلقة والاجتهاد بخلاف الوصية، وتصح الوصية للأعمى في أحد الوجهين لأنه من أهل الشهادة وهو قول أحمد وأصحابه، ولم يسلم القائلون بالجواز لمخالفيهم حكمهم، لأنه يمكنه التوكيل فيما يحتاج إلى نظر، ثم إنه من أهل الشهادة والولاية في النكاح، والولاية على أولاده الصغار، فصحت الوصية إليه كالبصير. وعلى الوجه الاخر عند أصحابنا انه لا تصح الوصية إليه بناء على أنه لا يصح بيعه ولا شراؤه فلا يوجد فيه معنى الولاية، وقد مضى في البيوع وفى السلم وفى غيرهما مزيد بيان.
أما الصبي العاقل فلا تصح الوصية إليه لأنه ليس من أهل الشهادة والاقرار، ولا يصح تصرفه الا بإذن، فلم يكن من أهل الولاية بطريق الأولى، ولأنه مولى عليه، فلا يكون واليا كالطفل والمجنون وهو الصحيح من مذهب الحنابلة وليس عندهم نص عن أحمد فيه، وإنما رجح أكثرهم مذهبنا في الصبي الا القاضي فقد قال: قياس المذهب صحة الوصية إليه، لان احمد قد نص على صحة وكالته وأما الفاسق فان الوصية إليه لا تصح في قول مالك والشافعي واحمد. وفى رواية عن أحمد صحة الوصية إليه في رواية ابن منصور عنه وعند الخرقي من الحنابلة إذا كان خائنا ضم إليه أمين وقال ابن قدامه: وهذا يدل على صحة الوصية إليه ويضم الحاكم إليه أمينا.
وقال أبو حنيفة تصح الوصية إليه وينفذ تصرفه وعلى الحاكم عزله لأنه بالغ عاقل فصحت الوصية إليه كالعدل، وبهذا يكون على قول أصحاب الحمد عدم جواز إفراده بالوصية.
وعند أبي حنيفة لا يجوز إقراره على الوصية. والله تعالى اعلم