لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن ههنا غلاما من أهل الحيرة حافظ كاتب فلو اتخذته كاتبا؟ فقال: قد اتخدت إذن بطانة من دون المؤمنين. فعلى هذا الأثر مع هذه الآية دليل على أن أهل الذمة لا يجوز استعمالهم في الكتابة التي فيها استطالة على المسلمين واطلاع على دواخل أمورهم التي يخشى أن يفشوها إلى الاعداد من أهل الحرب، ولهذا قال تعالى (لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم) وما هنا مصدرية فيكون المصدر الصريح المفعول لودوا (عنتكم).
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إسحاق بن إسرائيل حدثنا هشيم حدثنا العوام عن الأزهر بن راشد قال: كانوا أنسا فإذا حدثهم بحديث لا يدرون ما هو أتوا الحسن البصري فيفسره لهم قال: فحدث ذات يوم عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا في خواتيمكم عربيا) فأتوا الحسن ففسر لهم الاستضاءة: لا تستشيروا المشركين في شؤونكم تصديق ذلك في كتاب الله وتلا الآية، ويقول الشافعي رضي الله عنه في الام في باب الأوصياء ولا تجوز الوصية الا إلى بالغ مسلم عدل.
وروى ابن إسحاق وغيره عن ابن عباس قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فانزال الله تعالى فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم هذه الآية، وأخرج عبد بن حميد انها نزلت في المنافقين من أهل المدينة، هي المؤمنون ان يتولوهم ومن ثم فلا تصح وصيه مسلم إليه لأنه لا يلي على مسلم، ولأنه ليس من أهل الشهادة ولا العدالة فلم تصح الوصية إليه كالمجنون والفاسق، وأما وصيه الكافر إليه، فإن لم يكن عدلا في دينه لم تصح الوصية إليه، لأن عدم العدالة في المسلم يمنع صحة الوصية إليه فمع الكفر أولى، وإن كان عدلا في دينه ففيه وجهان.
أحدهما: تصح الوصية إليه، وهو قول أصحاب الرأي لأنه يلي بالنسب فيلي الوصية كالمسلم. والثاني: لا تصح، وهو قول أبي ثور لأنه فاسق فلم تصح الوصية إليه كفاسق المسلمين. ولأصحاب أحمد وجهان كهذين، وأما وصية الكافر إلى المسلم الا أن تكون تركته خمرا أو خنزيرا.