(فصل) وان وصى له بأرض فزرعها لم يكن ذلك رجوعا، لأنه لا يراد للبقاء، وقد يحصل قبل الموت فلم يكن رجوعا، وإن غرسها أو بنى فيها ففيه وجهان (أحدهما) أنه رجوع لأنه جعلها لمنفعة مؤبدة، فدل على الرجوع، (والثاني) ليس برجوع لأنه استيفاء منفعة فهو كالزراعة، فعلى هذا في موضع الأساس وقرار الغراس وجهان.
(أحدهما) أنه لا تبطل فيه الوصية كالبياض الذي بينهما فإذا مات الغراس أو زال البناء عاد إلى الموصى له.
(والثاني) أنه تبطل الوصية فيه لأنه جعله تابعا لما عليه.
(فصل) وإن أوصى له بسكنى دار سنة فأجرها دون السنة لم يكن ذلك رجوعا، لأنه قد تنقضي الإجارة قبل الموت، فان مات قبل انقضاء الإجارة ففيه وجهان (أحدهما) يسكن مدة الوصية بعد انقضاء الإجارة (والثاني) انه تبطل الوصية بقدر ما بقي من مدة الإجارة وتبقى في مدة الباقي.
(الشرح) إذا وصى بكتان أو قطن فغزله أو وصى بغزل فنسجه أو بثوب فقطعه أو بسبيكة فصاغها أو شاة فذبحها كان ذلك رجوعا، وبهذا قال أصحاب الرأي والشافعي في ظاهر المذهب وهو الراجع من أحمد، واختار أبو الخطاب من الحنابلة انه ليس برجوع، وهو قول أبي ثور لأنه لا يزيل الاسم.
دليلنا: انه عرضة للاستعمال فصار رجوعا كالمسائل قبله، ولا يصح قوله إنه لا يزيل الاسم، فان الثوب لا يسمى غزلا، والغزل لا يسمى كتابا.
(فرع) قال الشافعي رضي الله عنه: ولو أوصى له بدار وقبل كانت له وما ثبت فيها من أبوابها وغيرها دون ما فيها. قلت لان الوصية إذا كانت بالدار دخل فيها كل ما كان من الدار ولها ولم يدخل في الوصية كل ما كان في الدار إذا لم يكن منها، فالداخل في الوصية حيطانها وسقوفها وأبوابها المنصوبة عليها، وما كان متصلا بها من زخرفها ودرجها، ولم يخل فيها ما انفصل عنها من أبوابها ورفوفها وسلاليمها المنفصلة عنها.
وجملة ذلك أن كل ما جعلناه داخلا في البيع معها دخل في الوصية بها، وكل