الوصيان في حفظ المال جعل بينهما نصفين، فإذا بلغا إلى التصرف - فإن كان التصرف إلى كل واحد منهما - تصرف كل واحد منهما في الجميع، وإن كان إليهما لم يجز لأحدهما ان ينفرد بالتصرف دون الاخر.
(فصل) ومن وصى إليه في شئ لم يصر وصيا في غيره ومن وصى إليه إلى مدة لم يصر وصيا بعد المدة لأنه تصرف بالاذن فكان على حسب الاذن.
(الشرح) الشروط التي أسلفنا تقريرها هل تعتبر في الوصي حال العقد أو حال الموت أو حال العقد والموت؟ على اختلاف بين أصحابنا، والى اعتبارها حال العقد ذهب أحمد وأصحابه في أحد الوجهين عندهم، لأنها شروط لعقد فتعتبر حال وجوده كسائر العقود فلا ينفع وجودها بعده، وعلى الوجه الثاني لو كانت الشروط كلها منتفية أو بعضها حال العقد ثم وجدت حالة الموت لصحت الوصية إليه، وهو الوجه الثاني عند أصحاب أحمد. والوجه الثالث: ان تعتبر حال صدور العقد عند الوفاة، ولا تعتبر حالة فيما بينهما من الزمن كما سيأتي.
(فرع) الوصية ولاية وأمانة والفاسق ليس من أهلهما، فعلى هذا إذا كان الوصي فاسقا فحكمه حكم من لا وصى له عند أصحاب أحمد، وينظر الحاكم في ماله، وعند أحمد أن الوصية باطلة ابتداء كالذي طرا عليه فسقه بعد الوصية تزول ولايته ويقيم الحاكم مقامه أمينا، وهذا هو قول الثوري والشافعي وإسحاق وأحمد ابن حنبل. وعلى قول بعض الحنابلة كالخرقي تصح الوصية ويضم إليه امين ينظر معه، وروى ذلك عن الحسن وابن سيرين لأنه أمكن حفظ المال بالأمين، تعين إزالة يد الفاسق الخائن وقطع تصرفه، لان حفظ المال على اليتيم أولى من رعاية قول الموصى الفاسد.
واما العدل الذي يعجز عن النظر لعلة أو ضعف طرا، فان الحاكم يضم إليه أمينا، ولا تزول يده عن المال ولا نظره ويكون الأول هو الوصي دون الثاني، وهذا معاون له، لأن ولاية الحاكم إنما تكون عند عدم الوصي، وهذا قول الشافعي وأبى يوسف وأحمد بن حنبل ولا اعلم لهم مخالفا.