مثل المسير من بلده إلى الميقات، والذي جعله من رأس المال هو أجرة المثل من الميقات. وقال أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة: يكون ذلك من رأس المال قولا واحدا، والذي قاله ههنا أنه يكون في الثلث إذا خرج بأنه في الثلث توفيرا على ورثته، ألا تراه قال: فإن لم يبلغ تمم من رأس المال.
وإذا وصى بالحج تطوعا عنه بمال ففيه قولان أحدهما: أن الوصية باطلة والثاني: جائزة وقد بسط النووي توجيهها في كتاب الحج.
(فرع) قال مالك بن أنس رضي الله عنه: إذا أوصى لرجل بمائة دينار له حاضرة وترك غيرها ألف دينار دينا غائبة فالورثة بالخيار بين امضاء الوصية بالمائة كلها عاجلا، سواء حل الدين وسلم الغائب أم لا، وبين أن يسلموا ثلث المائة الحاضرة وثلث الدين من المال الغائب ويصير الموصى له بالمائة شريكا بالثلث في كل التركة، وإن كثرت وسمى ذلك خلع الثلث، استدلالا بأن للموصى ثلث مائة، فإذا غير الوصية بالثلث في بعضه فقد أدخل الضرر عليهم بتعيينه، فصار لهم الخيار بين التزام الضرر بالتعيين وبين العدول إلى ما كان يستحقه الموصى، فهذا دليل مالك، وما عليه في هذا القول.
واستدل إسماعيل بن إسحاق بأن تعيين الموصى للمائة الحاضرة من جملة التركة الغائبة بمنزلة العبد الجاني إذا تعلقت الجناية في رقبته فسيده بالخيار بين افتدائه بأرش جنايته أو تسليمه، فهذا مذهب مالك ودليلاه.
ومذهب الشافعي رضي الله عنه أن الموصى له ثلث المائة الحاضرة، وثلثاها الباقي موقوف على قبض الدين أو من الغائب ما يخرج المائة كلها من ثلثه أمضيت الوصية بجميع المائة، وإن وكل ما يخرج بعضها أمضى قدر ما احتمله الثلث منها، فإن برئ الدين وتلف الغائب استقرت الوصية في ثلث المائة الحاضرة وتصرف الورثة في ثلثيها، لأنها صارت جميع التركة.