أحدهما: أن يدعيه واحد ينفرد بدعواه فينظر، فإن كان المدعى رجلا مسلما حرا لحق نسبه به بغير خلاف بين أهل العلم إذا أمكن أن يكون منه، لان الاقرار محض نفع للطفل لاتصال نسبه، ولا مضرة على غيره فيه، فقبل كما لو أقر له بمال ثم إن كان المقر به ملتقطه أقر في يده، إلا أن المستحق أن يناقش كيف صار ابنك لأنه قد يعتقد أنه بالالتقاط يصير أبا له، والله يقول (فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم).
(فرع) قال الشافعي رضي الله عنه. وإذا التقط مسلم لقيطا فهو حر مسلم ما لم يعلم لأبويه دين غير دين الاسلام، فإذا أقر به نصراني ألحقناه به وجعلناه مسلما لان اقراره به ليس يعلم منا أنه كما قال، فلا نغير الاسلام إذا لم نعلم الكفر. اه من الدعوى والبينات من الام.
وقال في كتاب اللقيط من الام. سئل أبو حنيفة رحمه الله عن الصبي يسبى وأبوه كافر وقعا في سهم رجل ثم مات أبوه وهو كافر ثم مات الغلام قبل أن يتكلم بالاسلام فقال لا يصلى عليه، وهو على دين أبيه لأنه لا يقر بالاسلام. وقال الأوزاعي: مولاه أولى من أبيه يصلى عليه. وقال لو لم يكن معه أبوه ن وخرج أبوه مستأمنا لكان لمولاه أن يبيعه من أبيه.
وقال أبو يوسف إذا لم يسب معه أبوه صار مسلما، ليس لمولاه أن يبيعه من أبيه إذا دخل بأمان، وهو ينقض قول الأوزاعي: انه لا بأس أن يبتاع السبي ويرد إلى دار الحرب في مسألة قبل هذا، فالقول في هذا ما قال أبو حنيفة إذا كان معه أبواه أو أحدهما فهو مسلم اه.
(قلت) إذا ادعى نسبه اثنان فصاعدا نظرت، فإذا ادعاه مسلم وكافر أو حر وعبد فهما سواء، وهذا هو مذهب الشافعي وأحمد رضي الله عنهما. وقال أبو حنيفة المسلم أولى من الذمي والحر أولى من العبد، لان على اللقيط ضررا إذا ألحق بالعبد والذمي، فكان الحاقه بالحر المسلم أولى، كما لو تنازعوا في الحضانة.
ولنا أن كل واحد لو أنفرد صحت دعواه، فإذا تنازعوا تساووا في الدعوى كالأحرار المسلمين، وما ذكروه من الضرر لا يتحقق، فإننا لا نحكم برقه