المشقة عليه في استدامة امساكها، فكان إباحة التمليك لها بعد التعريف أحث على أخذها وأحفظ لها على مالكها لثبوت غرمها في ذمته، فلا تكون معرضة للتلف، وليكون ارتفاق الواجد بمنفعتها في مقابلة ما عاناه في حفظها وتعريفها وهذه كلها معان استوى فيها الغنى والفقير، ثم مذهب الشافعي لا فرق بين المسلم والذمي في أخذها للتعريف، وتملكها بعد الحول، لأنها كسب يستوي فيه المسلم والذمي.
فإذا ثبت جواز تملكها بعد الحول لكل واجد من غنى أو فقير فقد اختلف أصحابنا بماذا يصير مالكا؟ على ثلاثة أوجه (أحدها) أنه يصير مالكا لها بمضي الحول وحده إلا أن يختار أن تكون أمانة فلا تدخل في ملكه. وهذا قول أبى حفص بن الوكيل لأنه كسب على غير بدل فأشبه الركاز والاصطياد والوجه الثاني: أنه يملكها بعد مضى الحول باختيار التملك، فإن لم يختر التملك لم يملك. وهذا قول أبي إسحاق المروزي، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال (فان جاء صاحبها وإلا فشأنك بها) فرد أمرها إلى اختياره، ولأنه أبيح له التملك بعد الحول بعد أن كان مؤتمنا. فاقتضى أن لا ينتقل عما كان عليه الا باختيار ما أبيح له والوجه الثالث: أنه لا يملكها بعد مضى الحول الا بالاختيار والتصرف، وهو ما لم يتصرف غير مالك، لان التصرف منه كالقبض فأشبه الهبة.
فإذا صار مالكها بما ذكرنا فقد ضمنها لصاحبها فمن جاء طالبا لها رجع بها إن كان ت باقية، وليس للمتملك أن يعدل به مع بقائها إلى بدلها، فإن كانت ذا مثل رجع بمثلها، وإن كانت غير ذي مثل رجع لقيمتها حين تملكها، لأنه إذ ذاك صار ضامنا لها. فإن اختلفا في القيمة فالقول قول متملكها لأنه غارم، فلو كانت عند مجئ صاحبها باقية لكن حدث منها نماء منفصل رجع بالأصل دون النماء لحدوث النماء بعد ملك الواجد فلو عرف الواجد صاحبها وجب عليه اعلامه بها. ثم ينظر فإن كان ذلك قبل أن يملكها الواجد فمؤنة ردها على صاحبها دون الواجد كالوديعة، وفى هذه