ولم يجئ صاحبها باعها وحفظ ثمنها، لأنه إذا تركها احتاجت إلى نفقة، وفى ذلك إضرار.
وإن كان الواجد لها من الرعية ففيه وجهان (أحدهما) يجوز لأنه يأخذها للحفظ على صاحبها فجاز كالسلطان (والثاني) لا يجوز لأنه لا ولاية له على صاحبها بخلاف السلطان، فإن أخذها للتملك أو للحفظ وقلنا: إنه لا يجوز ضمنها لأنه تعدى بأخذها فضمنها كالغاصب، وان دفعها إلى السلطان ففيه وجهان.
(أحدهما) لا يبرأ من الضمان لأنه لا ولاية للسلطان على رشيد.
(والثاني) يبرأ، وهو المذهب، لان للسلطان ولاية على الغائب في حفظ ما يخاف عليه من ماله، ولهذا لو وجدها السلطان جاز له أخذها للحفظ على مالكها، فإذا أخذها غيره وسلمها إليه برئ من الضمان، وإن كان مما لا يمتنع من صغار السباع كالغنم وصغار الإبل والبقر أخذها، لحديث زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه قال في ضالة الغنم (خذها هي لك أو لأخيك أو للذئب) ولأنه إذا تركها أخذها غيره أو أكلها الذئب، فكان أخذها أحوط لصاحبها، وإذا أخذها فهو بالخيار بين أن يمسكها ويتطوع بالانفاق عليها ويعرفها حولا ثم يملكها وبين ان يبيعها ويحفظ ثمنها ويعرفها ثم يملك الثمن، وبين أن يأكلها ويغرم بدلها ويعرفها، لأنه إذا لم يفعل ذلك احتاج إلى نفقة دائمة، وفى ذلك إضرار بصاحبها، والامساك أولى من البيع والاكل لأنه يحفظ العين على صاحبها ويجرى فيها على سنة الالتقاط في التعريف والتملك، والبيع أولى من الاكل، لأنه إذا أكل استباحها قبل الحول، وإذا باع لم يملك الثمن إلا بعد الحول، فكان البيع أشبه بأحكام اللقطة، فإن أراد البيع ولم يقدر على الحاكم باعها بنفسه، لأنه موضع ضرورة، وإن قدر على الحاكم ففيه وجهان.
أحدهما: لا يبيع إلا بإذنه، لان الحاكم له ولاية ن ولا ولاية للملتقط.
والثاني: يبيع من غير اذنه لأنه قد قام مقام المالك فقام مقامه في البيع، وان أكل فهل يلزمه أن يعزل البدل مدة التعريف؟ فيه وجهان.
(أحدهما) لا يلزمه، لان كل حالة جاز أن يستبيح أكل اللقطة لم يلزمه عزل