(فرع) فأما إذا آجر داره كل شهر بدينار ولم يذكر عدد الشهور وغايتها لم تصح الإجارات فيما عدا الشهر الأول للجهالة بمبلغه، فصار كقوله: أجرتكها مدة، واختلف أصحابنا في صحتها ولزومها في الشهر الأول على وجهين.
(أحدهما) أن الإجارة فيه صحيحه لكونه معلوما.
(والوجه الثاني) وهو الأصح أنها باطلة لكونه واحدا من عدد مجهول فلم يتميز في الحكم. وقال أبو حنيفة: الإجارة صحيحه وللمستأجر فسخ الإجارة في كل شهر قبل دخوله، فإذا دخل قبل فسخه لزمه وجعل إطلاق الشهور مع تسمية الأجرة لكل شهر جاريا مجرى بيع الصبرة المجهولة القدر إذا سمى ثمن كل قفيز، وهذا خطأ للخطأ بما تناوله العقد من الشهور بخلاف الصبرة التي قد أشير إليها وينحصر كيلها، ولأنه لا يخلو أن تصح الإجارة فلا يكون له فسخها من غير عذر أو تبطل، فلا يجوز أن يقيم عليها مع العذر، ويلزم أجرة المثل إن سكن دون المسمى.
فإذا قدر المدة بسنه حملت على السنة الهلالية المعهودة شرعا فان شرط هلالية كان تأكيدا، وإن قال عددية أو سنة بالأيام كان له ثلاثمائة وستون يوما، لان الشهر العددي يكون ثلاثين يوما، وإن استأجر سنه هلالية أول الهلال عد اثنى عشر شهرا بالأهلة سواء كان الشهر تاما أو ناقصا، لان الشهر الهلالي ما بين الهلالين ينقص مرة ويزيد أخرى، وإن كان العقد في أثناء شهر عد ما بقي من الشهر وعد بعده أحد عشر شهرا بالهلال ثم كمل الشهر الأول بالعدد ثلاثين يوما لأنه تعذر اتمامه بالهلال فتممناه بالعدد وأمكن استيفاء ما عداه بالهلال فوجب ذلك لأنه الأصل، وقد مضى في السلم بحث في الشهور العربية الهلالية والشمسية الرومية ويعد ذلك أساسا لتوقيت التعامل هنا كمثله هناك.
(فرع) قال في المنهاج: يشترط كون المنفعة معلومة ثم تارة تقدر بزمان كدار سنة، وتارة بعمل كدابة إلى مكة وكخياطة ذا الثوب فلو جمعهما فاستأجره ليخيطه بياض النهار لم يصح في الأصح، ويقدر تعليم القرآن بمدة أو تعيين سور وفى البناء يبين الموضع والطول والعرض والسمك وما يبنى به إن قدر بالعمل،