ولى الامر أن يجبرهم على ذلك بثمن المثل، لا بما يريدونه من الثمن، وحديث العتق أصل في ذلك كله.
ثم عقد ابن القيم فصلا نختم به بحثنا في التسعير قال:
(فصل) فإذا قدر أن قوما اضطروا إلى السكنى في بيت إنسان لا يجدون سواه، أو النزول في خان مملوك، أو استعارة ثياب يستدفئون بها، أو رحى للطحن، أو دلو لنزع الماء، أو قدر أو فأس أو غير ذلك، وجب على صاحبه بذله بلا نزاع، لكن هل له أن يأخذ عليه أجرا، فيه قولان للعلماء، وهما وجهان لأصحاب أحمد. ومن جوز له أخذ الأجرة حرم عليه أن يأخذ زيادة على أجرة المثل قال شيخنا - يعنى شيخ الاسلام ابن تيمية -: والصحيح أنه يجب عليه بذل ذلك مجانا، كما دل عليه الكتاب والسنة. قال تعالى (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراءون، ويمنعون الماعون) قال ابن مسعود وابن عباس وغيرهما من الصحابة: هو إعارة القدر والدلو والفأس ونحوها، وفى الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم - وذكر الخيل - قال " هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر. فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله، وأما الذي هي له ستر، فرجل ربطها تغنيا وتعففا، ولم ينس حق الله في رقابها، ولا في ظهورها " وفى الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أيضا " من حق الإبل إعارة دلوها، وإطراق فحلها " وفى الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن عسب الفحل " أي عن أخذ الأجرة عليه، وفى الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره " ويمضى شيخ الاسلام ابن تيمية فيقول كما يحكيه عنه تلميذه وصنو حياته وعلمه:
ولو احتاج إلى إجراء مائه في أرض غيره من غير ضرر لصاحب الأرض، فهل يجبر على ذلك. روايتان عن أحمد، والاجبار قول عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم.
وقد قال جماعة من الصحابة والتابعين " إن زكاة الحلى عاريته، فإذا لم يعره فلابد من زكاته " وهذا وجه في مذهب أحمد.