قال ابن القصار من المالكية: اختلف أصحابنا في قول مالك " ولكن من حط سعرا " فقال البغداديون: أراد من باع خمسة بدرهم والناس يبيعون ثمانية، وقال قوم من البصريين: أراد من باع ثمانية، والناس يبيعون خمسة فيفسد على أهل السوق بيعهم، وربما أدى إلى الشغف والخصومة.
قال: وعندي أن الامرين جميعا ممنوعان، لان من باع ثمانية - والناس يبيعون خمسة - أفسد على أهل السوق بيعهم، وربما أدى إلى الشغب والخصومة فمنع الجميع مصلحة.
قال أبو الوليد الباجي: ولا خلاف أن ذلك حكم أهل السوق.
وأما الجالب، ففي كتاب محمد - يعنى ابن الحسن - لا يمنع الجالب أن يبيع في السوق دون بيع الناس. وقال ابن حبيب: ما عدا القمح والشعير يسعر الناس وإلا رفعوا، وأما جالب القمح والشعير، فيبيع كيف شاء، الا أن لهم في أنفسهم حكم أهل السوق، ان أرخص بعضهم تركوا، وان أرخص أكثرهم، قيل لمن بقي اما أن تبيع كبيعهم، واما أن ترفعوا.
قال ابن حبيب: وهذا في المكيل والموزون، مأكولا كان أو غيره، دون مالا يكال ولا يوزن، لأنه لا يمكن تسعيره، لعدم التماثل فيه.
قال أبو الوليد: هذا إذا كان المكيل والموزون متساويا، فإذا اختلف لم يؤمر صاحب الجيد أن يبيعه بسعر الدون.
وأما المسألة الثانية التي تنازعوا فيها من التسعير، فهي أن يحد لأهل السوق حدا لا يتجاوزونه مع قيامهم بالواجب فهذا منع منه الجمهور. حتى مالك نفسه في المشهور عنه. ونقل المنع أيضا عن ابن عمر وسالم والقاسم بن محمد. وروى أشهب عن مالك في صاحب السوق يسعر على الجزارين: لحم الضأن بكذا ولحم الإبل بكذا. والا أخرجوا من السوق. قال: إذا سعر عليهم قدر ما يرى من شرائهم فلا بأس به. ولكن أخاف أن يقوموا من السوق.
واحتج أصحاب هذا القول بأن في هذا مصلحة للناس بالمنع من اغلاء السعر عليهم ولا يجبر الناس على البيع. وإنما يمنعون من البيع بغير السعر الذي يحده ولى الامر على حسب ما يرى من المصلحة فيه للبائع والمشترى.