وأما الجمهور فاحتجوا بما رواه أبو داود وغيره من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله سعر لنا، فقال: بل أدعو الله، ثم جاءه رجل فقال:
يا رسول الله سعر لنا، فقال بل الله يرفع ويخفض، وإني لأرجو أن ألقى الله وليست لاحد عندي مظلمة " قالوا ولان إجبار الناس على ذلك ظلم.
وأما صفة ذلك عند من جوزه، فقال ابن حبيب: ينبغي للامام أن يجمع وجوه أهل سوق ذلك الشئ وحضر غيرهم، استظهارا على صدقهم، فيسألهم كيف يشترون وكيف يبيعون: فينازلهم إلى ما فيه لهم وللعامة سداد حتى يرضوا به، ولا يجبرهم على التسعير ولكن عن رضى.
قال أبو الوليد الباجي: ووجه هذا أن به يتوصل إلى معرفة مصالح البائعين والمشترين، ويجعل للباعة في ذلك من الربح ما يقوم بهم، ولا يكون فيه إجحاف بالناس، وإذا سعر عليهم من غير رضا، بما لا ربح لهم فيه، أدى ذلك إلى فساد الأسعار وإخفاء الأقوات وإتلاف أموال الناس قال شيخ الاسلام (1) ابن تيمية (الحفيد) فهذا الذي تنازعوا فيه، وأما إذا امتنع الناس من بيع ما يجب عليهم بيعه فهنا يؤمرون بالواجب ويعاقبون على تركه، وكذلك كل من وجب عليه أن يبيع بثمن المثل فامتنع. قال ابن القيم:
ومن احتج على منع التسعير مطلقا بقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله هو المسعر القابض الباسط، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال " قيل له هذه قضية معينة وليست لفظا عاما، وليس فيها أن أحدا امتنع من بيع ما الناس يحتاجون إليه، ومعلوم أن الشئ إذا قل رغب