(إحداهما) يثبت وهو قول الشافعي لظاهر الحديث (والثانية) لا يثبت لعدم الغبن، ولذلك ثبت الخيار للمشترى المسترسل إذا غبن، وفى الحديث " غبن المسترسل ربا " وفى تفسيره قولان (أحدهما) أنه الذي لا يعرف قيمة السلعة (والثاني) وهو المنصوص عن أحمد أنه الذي لا يماكس، بل يسترسل إلى البائع ويقول: أعطني هذا.
وليس لأهل السوق أن يبيعوا المماكس بسعر ويبيعوا المسترسل بغيره.
وهذا مما يجب على والى الحسبة إنكاره، وهذا بمنزلة تلقى السلع، فان القادم جاهل بالسعر. ثم قال ابن القيم:
ومن هذا تلقى سوقة الحجيج الجلب من الطريق، وسبقهم إلى المنازل يشترون الطعام والعلف ثم يبيعونه كما يريدون فيمنعهم والى الحسبة من التقدم لذلك حتى يقدم الركب، لما في ذلك من مصلحة الركب ومصلحة الجالب، ومتى اشتروا شيئا من ذلك منعهم من بيعه بالغبن الفاحش ومن ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم " أن يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " قيل لابن عباس: ما معنى قوله " لا يبيع حاضر لباد؟ " قال " لا يكون له سمسارا ". وهذا النهى لما فيه من ضرر المشترى فان المقيم إذا وكله القادم في بيع سلعة يحتاج الناس إليها، والقادم لا يعرف السعر أضر ذلك بالمشتري كما أن النهى عن تلقى الجلب لما فيه من الاضرار بالبائعين، اه (قلت) وقد ذهب إلى الاخذ بظاهر الحديث الجمهور فقالوا: لا يجوز تلقى الركبان، واختلفوا هل هو محرم أو مكروه فقط. وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة أنه أجاز التلقي وتعقبه الحافظ ابن حجر بأن الذي في كتب الحنفية أنه يكره التلقي في حالتين (الأولى) أن يضر بأهل البلد (والثانية) أن يلبس السعر على الواردين. والتنصيص على الركبان في بعض الروايات خرج مخرج الغالب، وحكم الماشي حكم الراكب من غير فرق. دليلنا حديث أبي هريرة المذكور فان فيه النهى عن تلقى الجلب من غير فرق. وكذلك حديث ابن مسعود المذكور، فان فيه النهى عن تلقى البيوع. وقد أوضحنا في الخيار قول ابن القيم، ونزيدك إيضاحا بما قاله الشوكاني. قال: