قال ابن رسلان في شرح السنن: وقد كان رسول الله صلى عليه وسلم يدخر لأهله قوت سنتهم من تمر وغيره.
قال أبو داود: قيل لسعيد - يعنى ابن المسيب - فإنك تحتكر. قال ومعمر كان يحتكر. وكذا في صحيح مسلم:
قال ابن عبد البر وآخرون: إنما كانا - يعنى ابن المسيب ومعمرا - يحتكران الزيت، وحملا الحديث على احتكار القوت عند الحاجة إليه. وكذلك حمله الشافعي وأبو حنيفة وآخرون.
قال الشوكاني: ويدل على اعتبار الحاجة وقصد إغلاء السعر على المسلمين قوله في حديث معقل " من دخل في شئ من أسعار المسلمين ليغليه عليهم " وقوله في حديث أبي هريرة " يريد أن يغلى بها على المسلمين " قال أبو داود:
سألت أحمد بن حنبل ما الحكرة. قال ما فيه عيش الناس، أي حياتهم وقوتهم.
وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله - يعنى أحمد بن حنبل - يسئل عن أي شئ الاحتكار، فقال إذا كان من قوت الناس فهو الذي يكره. وهذا قول عمر وقال الأوزاعي، المحتكر من يعترض السوق، أي ينصب نفسه للتردد إلى الأسواق ليشترى منها الطعام الذي يحتاجون إليه ليحتكره.
قال السبكي " الذي ينبغي أن يقال في ذلك أنه إن منع غيره من الشراء وحصل به ضيق حرم. وإن كانت الأسعار رخيصة وكان القدر الذي يشتريه لا حاجة بالناس إليه فليس لمنعه من شرائه وادخاره إلى وقت حاجة الناس إليه معنى " قال القاضي حسين والروياني " وربما يكون هذا حسنة لأنه ينفع به الناس " وقطع المحاملي في المقنع باستحبابه.
قال أصحاب الشافعي " الأولى بيع الفاضل عن الكفاية " قال السبكي " أما إمساكه حالة استغناء أهل البلد عنه رغبة في أن يبيعه إليهم وقت حاجتهم إليه فينبغي أن لا يكره، بل يستحب.
قال الشوكاني " والحاصل أن العلة إذا كانت هي الاضرار بالمسلمين لم يحرم الاحتكار الا على وجه يضر بهم، ويستوى في ذلك القوت وغيره لأنهم يتضررون بالجميع " وقال الغزالي في الاحياء " ما ليس بقوت ولا معين عليه فلا يتعدى النهى