قال الشافعي رضي الله عنه: فلما كان كفنه من رأس ماله دون غرمائه ونفسه معلقة بدينه وكان المال ملكا له، أشبه أن يجعل قضاء دينه، لان نفسه معلقة بدينه، ولم يجز أن يكون مال الميت زائلا عنه، فلا يصير إلى غرمائه، ولا إلى ورثته، وذلك أنه لا يجوز أن يأخذه ورثته دون غرمائه، ولو وقف إلى قضاء دينه علق روحه بدينه، وكان ماله معرضا أن يهلك، فلا يؤدى عن ذمته ولا يكون لورثته فلم يكن فيه منزلة أولى من أن يحل دينه ثم يعطى ما بقي ورثته اه " ونعود إلى كلام المصنف رحمه الله تعالى فنقول وبالله التوفيق والعون:
من مات وعليه ديون تعلقت بماله، وبهذا قال عثمان وعلى وأبو هريرة رضي الله عنه م، وقال مالك وأبو حنيفة لا يتعلق بماله دليلنا حديث ابن عمر في الفصل ولأنه لا وجه لبقاء تأجيله لأنه لا يخلو اما أن يبقى في ذمة الميت أو في ذمة الورثة أو متعلقا بأعيان المال فبطل أن يبقى في ذمة الميت لان ذمته خربت بموته وبطل أن يبقى في ذمة الورثة لان صاحب الدين لم يرض بذممهم. ولأنه لو تعلق بذممهم - إذا كان للميت مال تعلق بذممهم - وان لم يكن للميت مال. وبطل أن يقال: يبقى مؤجلا متعلقا بأعيان ماله. لان ذلك اضرار لصاحب الدين. لان أعيان المال ربما تلفت. واضرار بالميت لان ذمته لا تبرأ حتى يقضى عنه. لحديث أبي هريرة المسوق في الفصل وفى كلام الشافعي. فإذا بطلت هذه الأقيسة لم يبق الا القول بحلوله قال المصنف رحمه الله:
(فصل) فان تصرف الوارث في التركة قبل مضى الدين ففيه وجهان:
(أحدهما) لا يصح لأنه مال تعلق به دين فلا يصح التصرف فيه من غير رضى من له الحق كالمرهون (والثاني) يصح لأنه حق تعلق بالمال من غير رضا المالك فلم يمنع التصرف كمال المريض. وان قلنا إنه يصح فان قضى الوارث الدين نفذ تصرفه وان لم يقض فسخنا. وان باع عبدا ومات وتصرف الوارث في التركة ثم وجد المشترى بالعبد