مفلس بعينه فهو أحق به " ورواه الستة عن أبي هريرة بلفظ " من أدرك ماله بعينه عند رجل أفلس أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره " وعند مسلم والنسائي عن أبي هريرة بلفظ " إذا وجد عنده المتاع، ولم يفرقه أنه لصاحبه الذي باعه " وحديث أبي هريرة عند أحمد بلفظ " أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده ماله، ولم يكن اقتضى من ماله شيئا فهو له " وروى مالك في الموطأ وأبو داود، الأول بطريق الارسال والثاني بطريق الاسناد والمرسل أصح عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام بلفظ " أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا، فوجد متاعه بعينه، فهو أحق به، وإن مات المشترى فصاحب المتاع أسوة الغرماء ".
قلت: ولان عقد البيع يلحقه الفسخ بالإقالة فجاز فيه الفسخ لتعذر العوض أو القيمة أو الثمن، كالمسلم فيه إذا تعذر، ولأنه إذا شرط في البيع رهنا، فعجز عن تسليمه استحق الفسخ، وهو وثيقة بالثمن، فالعجز عن تسليم الثمن بنفسه أولى. ويفارق المبيع الرهن، فإن امساك الرهن إمساك مجرد على سبيل الوثيقة وليس ببدل، والثمن ههنا بدل عن العين، فان تعذر استيفاؤه رجع إلى المبدل.
فان قيل: إنهم تساووا - أعني الغرماء جميعا من وجد عين ماله ومن لم يجد - في سبب الاستحقاق، قلنا: لكن اختلفوا في الشرط، فان بقاء العين شرط لملك الفسخ، وهو موجود في حق من وجد متاعه دون من لم يجده.
إذا ثبت هذا: فان البائع بالخيار، إن شاء رجع في السلعة، وإن شاء لم يرجع وكان أسوة الغرماء، وسواء كانت السلعة مساوية لثمنها أو أقل أو أكثر، لان الاعسار سبب جواز الفسخ، فلا يوجبه كالعيب والخيار ولا يفتقر الفسخ إلى حكم حاكم، لأنه فسخ ثبت بالنص فلم يفتقر إلى حكم حاكم، كفسخ النكاح لعتق الأمة، وهل خيار الرجوع على الفور أو على التراخي؟ على وجهين بناء على خيار الرد بالعيب، وفى ذلك روايتان:
(إحداهما) هو على التراخي، لأنه حق رجوع يسقط إلى عوض، فكان على التراخي كالرجوع في الهبة.