(والثاني) هو على الفور، لأنه خيار يثبت في البيع لنقص في العوض، فكان على الفور كالرد بالعيب، ولأن جواز تأخيره يفضي إلى الضرر بالغرماء، لافضائه إلى تأخير حقوقهم، فأشبه خيار الاخذ بالشفعة، وأخذ القاضي من الحنابلة بهذا الوجه. وحكى ابن قدامة الوجهين كهما عندنا.
(فرع) وان اشترى رجل سلعة بثمن في ذمته وكانت قيمة السلعة مثل الثمن أو أكثر، ولا يملك المشتري غير هذه السلعة ولا دين عليه غير هذا الثمن، فهل يجعل هذا المشترى مفلسا، فيكون للبائع الرجوع إلى عين ماله، فيه وجهان حكاهما في الافصاح أبو علي الكيال.
أحدهما: يكون مفلسا، فيكون البائع بالخيار بين الرجوع في عين ماله.
والثاني: لا يكون مفلسا، ولكن تباع السلعة ويعطى منها حقه والباقي للمشترى (فرع) وإن كان ماله يفي بدينه ولكن ظهرت فيه أمارة الفلس - وقلنا:
يجوز الحجر عليه، فحجر عليه - فهل يجوز لمن باع منه شيئا ولم يقبض ثمنه، ووجد عين ماله أن يرجع إلى عين ماله، فيه وجهان حكاهما الشيخ أبو حامد.
(أحدهما) له أن يرجع إلى عين ماله لقوله صلى الله عليه وسلم " أيما رجل باع متاعا على رجل ثم أفلس المبتاع الحديث " وهذا قد أفلس، لأنه محجور عليه بحق الغرماء فجاز لمن وجد عين ماله الرجوع إليه، كما لو كان ماله أقل من دينه.
(والثاني) ليس له الرجوع إلى عين ماله، لأنا إنما نجعل للبائع الرجوع إلى عين المال في المواطن التي لا يتمكنون فيها من الوصول إلى كمال حقوقهم، وهذا يتمكن من أخذ جميع حقه فلم يمكن له الرجوع إلى عين ماله.
(فرع) وهل يصح فسخ البائع من غير إذن الحاكم، فيه وجهان. الأول قاله المصنف: لا يصح إلا بإذن الحاكم، لأنه فسخ مختلف فيه فلم يصح إلا بالحاكم كفسخ النكاح بالاعسار بالنفقة.
والثاني: قاله صاحب البيان: يصح بغير اذن الحاكم، لأنه فسخ ثبت بنص السنة فهو كفسخ نكاح المعتقة تحت عبد.
فان حكم حاكم بالمنع ففيه وجهان. أحدهما: يصح حكمه. لأنه مختلف فيه والثاني: لا يصح لأنه حكم مخالف لنص السنة.