دليلنا أنه ليس له مطالبته بالحق فلم يكن له مطالبته بالكفيل والرهن، كما لو لم يرد السفر.
وإن كان السفر للجهاد ففيه وجهان، من أصحابنا من قال له منعه إلى أن يقيم له كفيلا أو يعطيه رهنا بدينه، لان الشافعي رحمه الله قال: ولا يجاهد إلا بإذن أهل الدين، ولم يفرق بين الحال والمؤجل، ولان المجاهد يعرض نفسه للقتل طلبا للشهادة، فلم يكن بد من إقامة الكفيل أو الرهن، ليستوفى صاحب الدين دينه منه. فإذا حل الدين وكان له مال ظاهر باع الحاكم عليه ماله وقضى الدين.
دليلنا ما روى أن عمر رضي الله عنه صعد المنبر وقال: ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة رضى من دينه، فأدان معرضا فأصبح وقد رين به، فمن كان له دين فليحضر فانا بايعوا ماله. وروى: رضى من دينه وأمانته أن يقال سابق الحاج، وروى سبق الحاج فأدان معرضا فأصبح قد رين به، فمن كان له عليه دين فليحضر غدا فانا بايعوا ماله وقاسموه بين غرمائه. وروى: فمن كان له دين فليعد بالغداة فلنقسم ماله بينهم بالحصص. وان هذا بمجمع من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليه أحد، فدل على أنه إجماع قوله " فأدان معرضا " أي أنه يتعرض الناس فيستدين ممن أمكنه ويشترى به الإبل الجياد، ويروح في الحاج فيسبق الحاج. وقوله " فأصبح قد رين به " يقال رين بالرجل إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه ولا قبل له به، ويقال إنما عليك وعلاك قد ران بك وران عليك. قال الله تعالى " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " قال الحسن: هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب.
وإن امتنع من عليه الدين من القضاء وكتم ماله عزره الحاكم وحبسه إلى أن يظهر ماله، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم " لئ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته " رواه الشيخان وأبو داود والنسائي والبيهقي والحاكم وابن حبان وصححه عن عمرو بن الشريد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال وكيع: عرضه شكايته، وعقوبته حبسه.
(قلت) لم يرد أن يقذفه أو يطعن في نسبه، إنما يوصف بالظلم والعدوان.
وقوله " لي الواجد " اللى المطل. يقال لويته ألويه ليا