وله أن يؤاجرها من ثقة إلى مدة تنتهي قبل حلول الحق. وهل له أن يستخدمها بنفسه أو يركبها.
قال الشافعي رحمه الله: له ذلك. وقال في موضع آخر، ليس له ذلك، فمن أصحابنا من قال فيه قولان (أحدهما) لا يجوز، لأنه لا يؤمن أن يجحده (والثاني) يجوز وهو الصحيح، لأنه لما جاز أن يستوفيه بغيره جاز أن يستوفيه بنفسه كغير الرهن. ومنهم من قال: إن كان الراهن ثقة جاز أن يستوفيه بنفسه، وإن كان غير ثقة لم يجز أن يستوفى بنفسه، لان الثقة يؤمن منه أن يجحد، وحمل القولين على هذين الحالين والطريق الصحيح الطريق الأول، ومن هنا له أن يعير الرهن ويؤاجره ويستوفى ذلك بنفسه بحيث لا يخرجه من سلطان المرتهن مثل أن يفعل ذلك في بلده بحيث يمكن رده إلى المرتهن أو إلى العدل، فلا يؤاجر لمسافر، ولا يسافر هو به، وعلى الطريقين أيضا في سكناه فيها، ففي الدابة عليه أن يسلمها للمرتهن ليلا. أما الدار فله أن يسكنها ليلا ونهارا ما دامت في سلطان المرتهن.
أما الثوب فليس له أن يلبسه ولا يعيره ولا يؤاجره لأنه مفض إلى إتلافه قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وأما ما فيه ضرر بالمرتهن فإنه لا يملك لقوله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " فإن كان المرهون مما ينقل فأراد أن ينتفع به في السفر، أو يكريه ممن يسافر به لم يجز، لان أمن السفر لا يوثق به فلا يؤمن أن يؤخذ فيه، فيدخل على المرتهن الضرر، وإن كان ثوبا لم يملك لبسه لأنه ينقص قيمته وإن كان أمة لم يملك تزويجها، لأنه ينقص قيمتها، وهل يجوز وطؤها. ينظر فإن كانت ممن تحبل لم يجز وطؤها، لأنه لا يؤمن أن تحبل فتنقص قيمتها وتبطل الوثيقة باستيلادها. وإن كانت ممن لا تحبل لصغر أو كبر ففيه وجهان، قال أبو إسحاق يجوز وطؤها لأنا قد أمنا الضرر بالاحبال. وقال أبو علي بن أبي هريرة لا يجوز، لان السن الذي لا تحبل فيه لا يتميز عن السن الذي تحبل فيه مع اختلاف الطباع، فمنع من الجميع كما قلنا في شرب الخمر لما لم يتميز ما يسكر مما لا يسكر مع اختلاف الطباع في السكر حرم الجميع، فإذا منعنا من الوطئ منعنا