ولزم البيع ثم باعها من عمرو، فقوله بعقد لازم احتراز من الرهن قبل القبض، ومن إعارة ما أعاره وقوله " لا يجوز أن يعقد عليه مثله " احتراز من عقد الإجارة على الرهن، فإنه يصح بغير إذن المرتهن. وقوله: من غير إذن من له الحق، لان المرتهن لو أذن في رهنه من غيره صح، وان رهن رجلا عبدا بألف درهم ثم رهنه عنده بألف أخرى ففيه قولان. قال في القديم " يصح " وبه قال مالك وأبو يوسف رحمهم الله تعالى، لأنه لما جاز أن يزيد في الحق الواحد رهنا آخر جاز أيضا أن يرهن الرهن الواحد بحق آخر.
ولان الرهن وثيقة كالضمان، فلما جاز أن يضمن من غيره حقا ثم يضمن عنه حقا جاز في الرهن مثله. وقال في الجديد " لا يصح " وبه قال أبو حنيفة لأنه رهن لازم بدين آخر، كما لو رهنه عند غيره، وفيه احتراز من رهنه قبل القبض، فعلى هذا إذا كان أراد أن يرهنه بألفين فسخ الأول ثم يرهنه بالألفين، فإن رهنه بألف ثم رهنه بألف وأقر أنه رهنه بألفين كان كالاقرار صحيحا في الظاهر والباطن على القديم. وأما على الجديد فيكون رهنا بالألفين حكما ظاهرا. وأما في الباطن فلا يكون الامر مرهونا بألف، فإن ادعى المقر أنه رهنه بألف ثم رهنه بألف، وادعى المقر له أنه رهنه بهما معا فالقول قول المقر له مع يمينه، لأن الظاهر صحة الاقرار.
وإن شهد شاهدان على عقد الرهنين ثم أرادا أن يقيما الشهادة، فإن كانا يعتقدان صحة القول الجديد شهدا أنه رهنه بألف ثم رهنه بألف، فإن كانا يعتقدان صحة القول القديم ففيه وجهان (أحدهما) يجوز أن يشهدا أنه رهنه بألفين، ويطلقا ذلك، لأنهما يعتقدان صحة ما يشهدان به (والثاني) لا يجوز أن يشهدا الا على ما وقع عليه العقدان، لان الاجتهاد في ذلك إلى الحاكم قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وفى رهن العبد الجاني قولان. واختلف أصحابنا في موضع القولين على ثلاث طرق، فمنهم من قال القولان في العمد، فأما في جناية الخطأ فلا يجوز