أصحابنا في صحة الرهن على ثلاث طرق، فمنهم من قال: إن قلنا. إن التدبير وصية صح الرهن وبطل التدبير، لان الوصية يجوز فيها بالقول، فجعل الرهن رجوعا.
وإن قلنا: إن التدبير عتق بصفة لم يصح، لأنه لا يصح الرجوع فيه، الا بتصرف يزيل الملك، قالوا: وقول الشافعي: كان الرهن مفسوخا أراد على هذا القول، ومنهم من قال: لا يصح الرهن قولا واحدا، وعليه يدل ظاهر قوله في الام، لأنه قال: إذا دبر عبده ثم رهنه كان الرهن مفسوخا، ولو قال: كنت رجعت قبل الرهن عن التدبير فهل يصح الرهن فيه قولان، وهذا نص في أنه لا يصح الرهن قبل الرجوع قولا واحدا، ولأنا - وان قلنا: إن التدبير وصية - الا أنه أقوى من الوصية بدليل أنه يتحرر بالموت من غير قبول بخلاف الوصية ومنهم من قال: يصح الرهن قولا واحدا، ولا يبطل التدبير، لان الشافعي رحمه الله قال: كل ما جاز بيعه جاز رهنه كالمدبر يجوز بيعه قولا واحدا فكذلك رهنه. قال ابن الصباغ: والطريقة الأولى أصح، والثانية: ظاهر كالأمة، والثالثة: مخالفة للنص والقياس.
فإذا قلنا: بالطريقة الأولى، وأن الرهن يصح - إذا قلنا، ان التدبير وصية - فان التدبير يبطل، وهو اختيار المزني، فان قضى الحق من غيره فلا كلام ولم يعتق العبد بالموت الا بتدبير ثان أو عتق، وان لم يقضه من غيره بيع العبد بالموت الا بتدبير ثان أو عتق، وان لم يقضه من غيره بيع العبد في الدين، وان قلنا بالطريقة الثانية أن الرهن صحيح والتدبير صحيح نظرت، فان حل الحق وقضى الحق من غير الرهن بقي العبد في الدين، وان لم يختر الرجوع فيه، فإن كان له مال غير العبد أجبر على قضاء الدين وبقى العبد على التدبير، وان لم يكن له مال غيره ففيه وجهان من أصحابنا من قال: يحكم بفساد الرهن، لأنا إنما صححنا الرهن رجاء أن أن يرجع في التدبير فيباع، وتأول قول الشافعي " كان الرهن مفسوخا " على هذا للموضع، ومنهم من قال: يباع في الدين، وهو الصحيح. لأنه إذا حكمنا بصحة الرهن لم يتعقبه الفساد بامتناع الراهن، ومن حكم الرهن أن يباع في الدين.