فلم يصح كالسمك في الماء (والثاني) يصح الجميع منها وهو اختيار ابن الصباغ، لان الذمم تجرى مجرى الأعيان، ألا ترى أنه يصح أن يشترى بثمن في ذمته ويبيع فيها، كما يجوز أن يشترى الأعيان ويبيعها، الا أن البيع لا يفتقر لزومه إلى القبض. وفى الهبة والرهن لا يلزمان من غير قبض، ولا يصح الرهن لان البيع والهبة يصحان، ويلزمان من غير قبض، ولا يصح الرهن لان البيع والهبة تمليك فجرى مجرى الحوالة بخلاف الرهن.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يجوز رهن المرهون من غير إذن المرتهن، لان ما استحق يعقد لازم لا يجوز أن يعقد عليه مثله من غير اذن من له الحق، كبيع ما باعه، وإجارة ما أجره، وهل يجوز رهنه بدين آخر عند المرتهن؟ ففيه قولان. قال في القديم " يجوز " وهو اختيار المزني. لأنه إذا جاز أن يكون مرهونا بألف ثم يصير مرهونا بخمسمائة جاز أن يكون مرهونا بخمسمائة، ثم يصير مرهونا بألف.
وقال في الجديد: لا يجوز لأنه رهن مستحق بدين، فلا يجوز رهنه بغيره، كما لو رهنه عند غير المرتهن، فإن جنى العبد المرهون ففداه المرتهن، وشرط على الراهن أن يكون رهنا بالدين والأرش، ففيه طريقان، من أصحابنا من قال هو على القولين، ومنهم من قال يصح ذلك قولا واحدا، والفرق بين الأرش وبين سائر الديون أن الأرش متعلق بالرقبة، فإذا رهنه به فقد علق بالرقبة ما كان متعلقا بها، وغيره لم يكن متعلقا بالرقبة فلم يجز رهنه به، ولان في الرهن بالأرش مصلحة للراهن في حفظ ماله، وللمرتهن في حفظ وثيقته، وليس في رهنه بدين آخر مصلحة، ويجوز للمصلحة ما لا يجوز لغيرها، والدليل عليه أنه يجوز أن يفتدى العبد بقيمته في الجناية ليبقى عليه، وإن كان لا يجوز أن يشترى ماله بماله.
(الشرح) الأحكام، إذا رهن عبدا عند رجل وأقبضه إياه فقبضه ثم رهنه الراهن عند آخر بغير إذن الأول لم يصح الرهن الثاني. لان ما استحق بعقد لازم لا يجوز أن يعقد عليه مثله من غير إذن من له الحق، كما لو باع عينا من زيد