وأما الرجوع في العين المقترضة، فلا خلاف بين أصحابنا أن للمستقرض أن يردها على المقرض، أما المقرض فهل له أن يرجع فيها وهي في يد المستقرض؟
فإن قلنا إن المستقرض لا يملكها إلا بالتصرف فللمقرض أن يرجع فيها، ومنهم من قال للمقرض أن يرجع فيها بكل حال، وهو المنصوص عليه في الام.
ولا يكون جواز رجوع المقرض فيها مانعا من ثبوت الملك للمستقرض فيها قبل التصرف، ألا ترى أن الأب إذا وهب لابنه هبة وأقبضه إياها فإن الابن قد ملكها، وللأب أن يرجع فيها، وكذلك إذا اشترى سلعة بسلعة ثم وجد كل واحد منهما بما صار إليه عيبا، فإن لكل واحد منهما أن يرجع في سلعته، وإن كان ت ملكا للآخر، ويبطل بما لو تصرف هذا المستقرض بالعيب المستقرض ثم رجعت إليه، فإن للمقرض أن يرجع فيها، ولا يدل ذلك على أن المستقرض لم يكن مالكا للعين وقت التصرف فيها، فعلى هذا إذا اقترض حيوانا وقبضه كانت نفقته على المستقرض، وان اقترض وقبضه عتق عليه.
(فرع) واختلف أصحابنا فيمن قدم إلى غيره طعاما، وأباح له أكله حتى يملكه المقدم إليه، فمنهم من قال. يملكه بالتناول، فإذا أخذ لقمة بيده ملكها، كما إذا وهبه شيئا وأقبضه إياه، فعلى هذا لو أراد أن المقدم أن يسترجعها منه بعد أن يأخذها بيده لم يكن له ذلك.
ومنهم من قال: يملكه بتركه في الفم، فعلى هذا للمقدم أن يرجع فيه ما لم يتركه المقدم إليه في فمه.
ومنهم من قال لا يملكه الا بالبلع. والرابع الذي حكاه المصنف أنه لا يملكه بالاكل، بل بأكله وهو على ملك صاحبه، فإذا قلنا إن المقدم إليه ملكه بأخذه باليد أو بتركه في الفم، فهل له أن يبيح لغيره أو يتصرف فيه بغير ذلك فيه وجهان، قال عامة أصحابنا لا يجوز له ذلك، لأنه أباح له انتفاعا مخصوصا، فهل يجوز له أن ينتفع به بغيره كما لو أعاره ثوبا لم يكن له أن يعيره.
وقال الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب: له أن يفعل به ما شاء من وجوه