وجب ضمان ذلك في تركة الميت. وهل يصح تصرف الوارث قبل ذلك؟ إن قلنا في المسألة قبلها إنه يصح تصرفه فههنا أولى. وإن قلنا هناك لا يصح، ففي هذه وجهان " أحدهما " يصح تصرفه لأنه تصرف في مال له لم يتعلق به حق أحد.
" والثاني " لا يصح، لأنا بينا أنه تصرف والدين معلق بالتركة (فرع) إذا كان في غرماء الميت من باع منه عينا، ووجد عين ماله، ولم يقبض ثمنها، فإن كانت التركة لا تفي بالدين فللبائع أن يرجع في عين ماله. وقال مالك وأبو حنيفة لا يرجع فيها. بل يضرب مع الغرماء بدينه دليلنا ما روى عمرو بن خلدة الزرقي. وقد مضى تخريجنا له قال: أتينا أبا هريرة رضي الله عنه في صاحب لنا أفلس فقال " هذا الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما رجل مات أو أفلس، فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه " وهذا نص في موضع الخلاف، وإن كان ماله بقي بالدين ففيه وجهان قال أبو سعيد الإصطخري: للبائع أن يرجع بعين ماله لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ، فإنه لم يفرق والثاني: ليس له أن يرجع بعين ماله. وهو المذهب، لان ماله يفي بدينه، فلم يكن للبائع الرجوع بعين ماله كما لو كان حيا. وأما الخبر فمحمول عليه إذا مات مفلسا مع أنه قد روى أبو بكر النيسابوري بإسناده عن أبي هريرة: وإن خلف وفاء فهو أسوة الغرماء. فيكون حجة لنا قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا قسم مال المفلس أو مال الميت بين الغرماء ثم ظهر غريم آخر رجع على الغرماء وشاركهم فيما أخذوه على قدر دينه، لأنا إنما قسمنا بينهم بحكم الظاهر إنه لا غريم له غيرهم، فإذا بان بخلاف ذلك وجب نقض القسمة كالحاكم إذا حكم بحكم ثم وجد النص بخلافه.
وان أكرى رجل داره سنة وقبض الأجرة وتصرف فيها ثم أفلس وقسم ماله بين الغرماء ثم انهدمت الدار في أثناء المدة فإن المكترى يرجع على المفلس بأجرة ما بقي، وهل يشارك الغرماء فيما اقتسموا به أم لا. فيه وجهان