فهو كما لو أوصى إلى رجلين فليس لأحدهما أن ينفرد بالتصرف، فعلى هذا عليهما أن يحفظا الرهن في حرز يدهما عليه، اما بملك أو عارية أو إجارة، وان سلم أحدهما جميعه إلى الآخر ضمن نصفه (والثاني) يجوز لان عليهما مشقة في الاجتماع على حفظه، فإن كان مما لا ينقسم جاز لأحدهما أن يسلمه إلى الاخر، وإن كان مما ينقسم فاقتسما فهل لأحدهما أن يسلم إلى الاخر ما حصل بيده بعد القسم؟ فيه وجهان، أحدهما يجوز لأنه لو سلم إليه ذلك قبل القسمة صح، فكذلك بعد القسمة، والثاني لا يجوز لأنهما لما اقتسما صار كما لو قسمه المتراهنان بينهما. اه (قلت) وقال أبو يوسف ومحمد: إذا رضى أحدهما بامساك الاخر - فيما يمكن قسمته جاز. وقال أبو حنيفة: إن كان مما ينقسم اقتسماه والا فلكل واحد منهما امساك جميعه، لان اجتماعهما على حفظه يشق عليهما.
وقال أصحاب أحمد، ان المتراهنين إذا لم يرضيا إلا بحفظهما لم يجز لأحدهما الانفراد بذلك كالوصيين لا ينفرد أحدهما بالتصرف. وقالوا في المشقة انه يمكن لكل واحد منهما أن يضع قفله على المخزن فلا يشق عليهما ذلك، فكان كالقول عندنا.
أما مذهبنا فدليله أن المالك لم يرض الا بأمانتهما فلم يكن لأحدهما أن ينفرد بحفظه جميعه كالوصية.
وإذا وضعا الرهن على يد عدل ووكلاه في بيعه عند حلول الدين صح التوكيل ولا يكون هذا تعليقا للوكالة على شرط، وإنما هو تعليق التصرف. قال ابن الصباغ: وإذا حل الحق لم يجز للعدل أن يبيعه حتى يستأذن المرتهن، لان البيع لحقه فإذا لم يطالب به لم يجز بيعه، فإذا أذن المرتهن ذلك فهل يحتاج إلى استئذان الراهن ليجدد له الاذن؟ فيه وجهان قال أبو علي بن أبي هريرة: لابد من استئذانه كما يفتقر إلى تجديد اذن المرتهن، ولأنه قد يكون له غرض في أن يقضى الحق من غيره. وقال المصنف لا يفتقر إلى استئذانه لأنه الاذن الأول كاف ويفارق المرتهن لان البيع يفتقر إلى مطالبة بالحق. وأما غرض الراهن فلا اعتبار به لأنه ما لم يغير الاذن الأول فهو