قال المصنف رحمه الله:
(فصل) واختلف أصحابنا في المدبر. فمنهم من قال: لا يجوز رهنه قولا واحدا، لأنه قد يموت المولى فجأة فيعتق فلا يمكن بيعه، وذلك غرر من غير حاجة، فمنع صحه الرهن. ومنهم من قال: يجوز قولا واحدا لأنه يجوز بيعه فجاز رهنه كالعبد القن. ومنهم من قال. فيه قولان، بناء على القولين في أن التدبير وصية أو عتق بصفة، فان قلنا: إنه وصية جاز رهنه، لأنه يجوز الرجوع فيه بالقول، فجعل الرهن رجوعا. وان قلنا: إنه عتق بصفة لم يجز رهنه، لأنه لا يجوز الرجوع فيه بالقول، وإنما يجوز الرجوع فيه بتصرف يزيل الملك، والرهن لا يزيل الملك.
قال أبو إسحاق، إذا قلنا: إنه يصح رهنه فحل الحق وقضى سقط حكم الرهن وبقى العبد على تدبيره، وإن لم يقض قيل له: أترجع في التدبير؟ فان اختار الرجوع بيع العبد في الرهن، وإن لم يختر فإن كان له مال غيره قضى منه الدين، ويبقى العبد على التدبير، وان لم يكن له مال غيره ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه يحكم بفساد الرهن، لأنا إنما صححنا الرهن لأنا قلنا لعله يقضى الدين من غيره أو يرجع في التدبير، فإذا لم يفعل حكمنا بفساد الرهن (والثاني) أنه يباع في الدين وهو الصحيح، لأنا حكمنا بصحة الرهن، ومن حكم الرهن أن يباع في الدين وما سوى ذلك من الأموال كالعقار والحيوان وسائر ما يباع يجوز رهنه، لأنه يحصل به مقصود الرهن وما جاز رهنه جاز رهن البعض منه مشاعا، لان المشاع كالمقسوم في جواز البيع، فكان كالمقسوم في جواز الرهن، فإن كان بين رجلين دار فرهن أحدهما نصيبه من بيت بغير إذن شريكه ففيه وجهان.
(أحدهما) يصح كما يصح بيعه (والثاني) لا يصح لان فيه إضرارا بالشريك بأن يقتسما فيقع هذا البيت في حصته فيكون بعضه رهنا.
(الشرح) الأحكام: قال الشافعي رحمه الله " ولو دبره ثم رهنه كان الرهن مفسوخا " وجملة ذلك أنه إذا قال لعبده إذا مت فأنت حر ثم رهنه بعد. فاختلف