قال المصنف رحمه الله:
كتاب الرهن ويجوز الرهن على الدين في السفر لقوله عز وجل " وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة " ويجوز في الحضر لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعا عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرا لأهله.
(الشرح) حديث أنس رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجة وبعد: - فالرهن بفتح الراء وسكون الهاء الاحتباس من قولهم: رهن الشئ إذا دام وثبت، ومنه قوله تعالى " كل نفس بما كسبت رهينة " وفى الشرع جعل مال وثيقة على دين ليستوفى منه الدين عند تعذره ممن عليه ويطلق أيضا على العين المرهونة تسمية للمفعول به باسم المصدر، وأما الرهن بضمتين فالجمع، ويجمع أيضا على رهان بكسر الراء ككتب وكتاب، وقرئ بهما.
وقوله: عند يهودي هو أبو الشحم كما بينه الشافعي والبيهقي من طريق جعفر ابن محمد عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعا عند أبي الشحم اليهودي رجل من بنى ظفر، في شعير " وأبو الشحم بفتح المعجمة وسكون المهملة كنيته، وظفر بفتح الظاء والفاء بطن من الأوس وكان حليفا لهم، وضبطه بعض المتأخرين بهمزة ممدودة وموحدة مكسورة اسم فاعل من الاباء وكأنه التبس عليه بأبي اللحم الصحابي.
وفى الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها عند البخاري ومسلم ولأحمد والنسائي وابن ماجة مثله " توفى صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير " في رواية الترمذي والنسائي من هذا التوجه " بعشرين " وقال في فتح الباري: لعله كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة وألغى الجبر أخرى والرهن مجمع على جوازه، وفيها أيضا دليل على صحة الرهن في الحضر وهو