بدراهمه صحيفة (كمبيالة) إلى بلد آخر من غير شرط ولا جرت للمقرض عادة بذلك جاز. ومن أصحابنا من قال لا يجوز ذلك في أموال الربا ويجوز في غيرها، وليس بصحيح لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرض نصف صاع فرد صاعا واقترض صاعا فرد صاعين، واقترض من الاعرابي بكرا فرد عليه أجود منه وقال صلى الله عليه وسلم " خيار الناس أحسنهم قضاء " وقال جابر رضي الله عنه: كان لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم دين فقضاني وزادني ولأنه متطوع بالزيادة فجاز، كما لو وصله بها كصلة. وكذلك لو اقترض رجل شيئا فرد أنقص مما أخذ وطابت نفس المقرض بذلك، فإن كان الرجل معروفا إذا اقترض رد أكثر مما اقترض أو أجود منه، فهل يجوز إقراضه مطلقا، فيه وجهان (أحدهما) لا يصح إقراضه إلا بشرط أن يرد عليه مثل ما أخذ لان ما علم بالعرف كالمعروف بالشرط (والثاني) وهو الصحيح أنه يجوز إقراضه من غير شرط لان الزيادة مندوب إليها في القضاء، فلا يمنع من جواز العقد فأما ما كان معروفا من جهة العرف فلا يمنع جواز الاقراض. ألا ترى أنه لو وجدت عادة رجل أنه إذا اشترى من إنسان تمرا أطعمه منه أو أطعم البائع من غيره لم يضر ذلك بمنزلة المشروط في بطلان البيع منه قال العمراني: وان أقرضه شيئا بشرط فاسد بأن أقرضه إلى أجل أو أقرضه درهما بدرهمين بطل الشرط لقوله صلى الله عليه وسلم " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل " وهل يبطل القرض، فيه وجهان (أحدهما) يبطل. فعلى هذا لا يملكه المقترض، لان القرض إنما وقع بهذا الشرط، فإذا بطل الشرط بطل العقد كالبيع بشرط فاسد (والثاني) لا يبطل لان القرض عقد ارفاق، فلم يبطل بالشرط الفاسد بخلاف البيع وقال في المغنى " ان شرط في القرض أن يوفيه أنقص مما أقرضه وكان ذلك مما يجرى فيه الربا لم يجز لافضائه إلى فوات المماثلة فيما هي شرط فيه، وإن كان في غيره لم يجز أيضا، وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، وفى الوجه الآخر يجوز لان القرض جعل للرفق بالمستقرض، وشرط النقصان لا يخرجه عن موضوعه بخلاف الزيادة. اه
(١٧٣)