قال بها حيث انضم إليها ما يؤكدها: قال وزيادة ابن المسيب في هذا على غيره انه أصح التابعين إرسالا فيما زعم الحفاظ: فهذا كلام البيهقي والخطيب وهما إمامان حافظان فقيهان شافعيان مضطلعان من الحديث والفقه والأصول والخبرة التامة بنصوص الشافعي ومعاني كلامه ومحلهما من التحقيق والاتقان والنهاية في الفرقان بالغاية القصوى والدرجة العليا: وأما قول الإمام أبي بكر القفال المروزي في أول كتابه شرح التلخيص قال الشافعي في الرهن الصغير مرسل ابن المسيب عندنا حجة فهو محمول على التفصيل الذي قدمناه عن البيهقي والخطيب والمحققين والله أعلم (قلت) ولا يصح تعلق من قال إن مرسل سعيد حجة (1) بقوله إرساله حسن لان الشافعي رحمه الله لم يعتمد عليه وحده بل اعتمده لما انضم إليه قول أبي بكر الصديق ومن حضره وانتهى إليه قوله من الصحابة رضي الله عنهم مع ما انضم إليه من قول أئمة التابعين الأربعة الذين ذكرهم وهم أربعة من فقهاء المدينة السبعة وقد نقل صاحب الشامل وغيره هذا الحكم عن تمام السبعة وهو مذهب مالك وغيره فهذا عاضد ثان للمرسل فلا يلزمه من هذا الاحتجاج بمرسل ابن المسيب إذا لم يعتضد: فان قيل ذكرتم ان المرسل إذا أسند من جهة أخرى احتج به وهذا القول فيه تساهل لأنه إذا أسند عملنا بالمسند فلا فائدة حينئذ في المرسل ولا عمل به فالجواب ان بالمسند يتبين صحة المرسل وأنه مما يحتج به فيكون في المسألة حديثان صحيحان حتى لو عارضهما حديث صحيح من طريق واحد وتعذر الجمع قدمناهما عليه والله أعلم: هذا كله في غير مرسل الصحابي أما مرسل الصحابي كاخباره عن شئ فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو نحوه مما نعلم أنه لم يحضره لصغر سنه أو لتأخر اسلامه أو غير ذلك فالمذهب الصحيح المشهور الذي قطع به جمهور أصحابنا وجماهير أهل العلم أنه حجة وأطبق المحدثون المشترطون للصحيح القائلون بأن المرسل ليس بحجة على الاحتجاج به وادخاله في الصحيح: وفي صحيح البخاري ومسلم من هذا ما لا يحصى: وقال الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني من أصحابنا لا يحتج به بل حكمه حكم مرسل غيره إلا أن يبين أنه لا يرسل الا ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابي: قال لا نهم قد يروون عن غير صحابي: وحكي الخطيب البغدادي وآخرون هذا المذهب عن بعض العلماء ولم ينسبوه:
وعزاه الشيخ أبو إسحاق المصنف في التبصرة إلى الأستاذ أبي إسحاق: والصواب الأول وانه يحتج به مطلقا لان روايتهم عن غير الصحابي نادرة وإذا رووها بينوها فإذا أطلقوا ذلك فالظاهر أنه عن الصحابة والصحابة كلهم عدول والله أعلم: فهذه ألفاظ وجيزة في المرسل وهي وإن كانت مختصرة بالنسبة إلى غيرها فهي مبسوطة بالنسبة إلى هذا الموضع فان بسط هذا الفن ليس هذا موضعه ولكن حملني على هذا النوع اليسير من البسط ان معرفة المرسل مما يعظم الانتفاع بها ويكثر الاحتياج إليها ولا سيما في مذهبنا خصوصا هذا الكتاب الذي شرعت فيه أسأل الله الكريم اتمامه على