ثم أحدث استباح بعد الحدث يوما وليلة إن كان حاضرا وثلاثة أيام ولياليها إن كان مسافرا هذا مذهبنا ومذهب أبي حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري وجمهور العلماء وهو أصح الروايتين عن أحمد وداود وقال الأوزاعي وأبو ثور ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث وهو رواية عن أحمد وداود وهو المختار الراجح دليلا واختاره ابن المنذر وحكي نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحكى الماوردي والشاشي عن الحسن البصري ان ابتداءها من اللبس * واحتج القائلون من حين المسح بقوله صلى الله عليه وسلم يمسح المسافر ثلاثة أيام وهي أحاديث صحاح كما سبق وهذا تصريح بأنه يمسح ثلاثة ولا يكون ذلك الا إذا كانت المدة من المسح ولان الشافعي رضي الله عنه قال إذا أحدث في الحضر ومسح في السفر أتم مسح مسافر فعلق الحكم بالمسح * واحتج أصحابنا برواية رواه الحافظ القاسم بن زكريا المطرزي في حديث صفوان من الحدث إلى الحدث وهي زيادة غريبة ليست ثابتة وبالقياس الذي ذكره المصنف وأجابوا عن الأحاديث بان معناها انه يجوز المسح ثلاثة أيام ونحن نقول به إذا مسح عقب الحدث فان اخر فهو مفوت على نفسه: وأما قولهم إذا أحدث في الحضر ومسح في السفر أتم مسح مسافر فجوابه ان الاعتبار في المدة بجواز الفعل ومن الحدث جاز الفعل والاعتبار في العبادة بالتلبس بها وقد وجد ذلك في مسألة المسافر في السفر والدليل على هذا أن من دخل وقت الصلاة وهو حاضر ثم سافر في الوقت فله القصر ومن دخل في الصلاة في الحضر ثم سارت به السفينة يتم فدخول وقت المسح كدخول وقت الصلاة وابتداء السمح كابتداء الصلاة واحتج بعض أصحابنا بأنه إنما يحتاج إلى الترخص بالمسح من حين يحدث وهذا فاسد فإنه يحتاج بمجرد اللبس لتجديد الوضوء والله أعلم * واعلم أنه إذا لبسه ثم أراد تجديد الوضوء قبل أن يحدث جاز له المسح فلا تحسب عليه المدة حتى يحدث والله أعلم: وأما قول المصنف عبادة مؤقتة فقيل احتراز عن الوضوء والغسل وقيل ليس باحتراز بل تقريب للفرع من الأصل وقيل إنه ينتقض بالزكاة فإنه يجوز تعجيلها وليس بمنتقض بها لأنه قال من حين جواز فعلها لا من حين وجوبه * قال المصنف رحمه الله
(٤٨٧)