وحينئذ لا يجوز الاجتهاد: وأما المسألة الثانية وهي إذا أخبره ثقة بولوغه في ذا وثقة بولوغه في ذاك فيحكم بنجاستهما بلا خلاف أيضا نص عليه الشافعي في الأم وحرملة واتفق عليه الأصحاب لما ذكره المصنف من احتمال الولوغ وقتين ومتي أمكن صدق المخبرين الثقتين وجب العمل بخبرهما: وأما المسألة الثالثة وهي إذا أخبره ثقة بولوغه في ذا دون ذاك حين بدا حاجب الشمس يوم الخميس مثلا فقال الآخر بل ولغ في ذاك دون ذا في ذلك الوقت فقد اختلف الأصحاب فيها فقطع الصيدلاني والبغوي بأنه يجتهد فيهما ويستعمل ما غلب على ظنه طهارته ولا يجوز أخذ أحدهما بغير اجتهاد لان المخبرين اتفقا على نجاسة أحدهما فلا يجوز إلغاء قولهما وقطع أصحابنا العراقيون وجمهور الخراسانيين بأن المسألة تبني على القولين المشهورين في البينتين إذا تعارضتا أصحهما تسقطان والثاني يستعملان وفي الاستعمال ثلاثة أقوال أحدها بالقرعة والثاني بالقسمة والثالث يوقف حتى يصطلح المتنازعان قالوا إن قلنا يسقطان سقط خبر الثقبتين وبقي الماء على أصل الطهارة فيتوضأ بأيهما شاء وله أن يتوضأ بهما جميعا قالوا لان تكاذبهما وهن خبرهما ولا يمكن العمل بقولهما للتعارض فسقط: قالوا وان قلنا تستعملان لم يجئ قول القسمة بلا خلاف وامتناعه واضح وأما القرعة فقطع الجمهور بأنها لا تجئ أيضا كما قطع به المصنف وحكي صاحب المذهب بضم الميم واسكان الذال وجها انه يقرع ويتوضأ بما اقتضت القرعة طهارته وحكي هذا الوجه صاحب البيان وأشار إليه المحاملي في المجموع فقال ويمكن الاقراع وهو شاذ ضعيف وأما الوقت فقد جزم المصنف بأنه لا يجئ فإنه جزم بأنه على قول الاستعمال يريقهما ووافقه على هذا صاحبه الشاشي صاحب المستظهري وهو شاذ والصحيح الذي عليه الجمهور مجيئ الوقف وممن صرح به الشيخ أبو حامد وصاحباه القاضي أبو الطيب في تعليقه والمحاملي في كتابيه المجموع والتجريد والبندنيجي وصاحب الشامل وآخرون من العراقيين وصاحبا التتمة: والبحر وآخرون من الخراسانيين قال القاضي أبو الطيب وصاحب الشامل والتتمة وغيرهم فعلى هذا يتيمم ويصلى ويعيد الصلاة لأنه تيمم ومعه ماء محكوم بطهارته ووجه جريان الوقف أن ليس هنا ما يمنعه بخلاف القسمة والقرعة ووجه قول المصنف لا يجيئ الوقف القياس على من اشتبه عليه إناءان واجتهد وتحير فيهما فإنه يريقهما ويصلي بالتيمم بلا إعادة لأنه معذور في الإراقة ولم يقولوا بالوقف فكذا هنا ما ذكره الأصحاب واختار الشيخ أبو عمرو بن الصلاح انه يجتهد
(١٧٨)