والتفريع بعد هذا على المذهب وهو وجوب الاجتهاد واشتراط ظهور علامة وسواء عندنا كان عدد الطاهر أكثر أو أقل حتى لو اشتبه إناء طاهر بمائة اناء نجسة تحرى فيها وكذلك الأطعمة والثياب هذا مذهبنا ومثله قال بعض أصحاب مالك. كذا قال بمثله أبو حنيفة في القبلة والطعمة والثياب وأما الماء فقال لا يتحرى الا بشرط أن يكون عدد الطاهر أكثر من عدد النجس وقال أحمد وأبو ثور والمزني لا يجوز التحري في المياه بل يتيمم وهذا هو الصحيح عند أصحاب مالك ثم اختلف هؤلاء فقال أحمد لا يتيمم حتى يريق الماء في احدى الروايتين وقال المزني وأبو ثور يتيمم ويصلى ولا إعادة وإن لم يرقه وقال عبد الملك بن الماجشون بكسر الجيم وضم الشين المعجمة من أصحاب مالك يتوضأ بكل واحد ويصلى بعد الوضوئين ولا يعيد الصلاة وقال محمد بن مسلمة من أصحاب مالك يتوضأ بأحدهما ثم يصلى ثم يتوضأ بالآخر ثم يعيد الصلاة ونقل القاضي أبو الطيب عن أكثر العلماء جواز الاجتهاد في الثياب قال الماجشون ومحمد بن مسلمة يصلى في كل ثوب مرة وأجمعت الأمة على الاجتهاد في القبلة: احتج لأحمد والمزني بأنه إذا اجتهد قد يقع في النجس ولأنه اشتبه طاهر بنجس فلم يجز الاجتهاد كما لو اشتبه ماء وبول وأما الماجشون وابن مسلمة فقالا هو قادر على اسقاط الفرض بيقين باستعمالهما فلزمه: واحتج أصحابنا على الطائفتين بالقياس على القبلة وبالقياس على الاجتهاد في الأحكام وفي تقويم المتلفات وإن كان قد يقع في الخطأ وأما الجواب عن الماء والبول من أوجه أحدها أن الاجتهاد يرد الماء إلى أصله بخلاف البول والثاني أن الاشتباه في المياه يكثر فدعت الحاجة إلى الاجتهاد فيهما بخلاف الماء والبول والثالث أن الحاق المياه بالقبلة أولى وأما قول الماجشون فضعيف بل باطل لان أمره بالصلاة بنجاسة متيقنة وبالوضوء بماء نجس وأما أبو حنيفة فاحتج له في اشتراط زيادة عدد الطاهر بحديث الحسن بن علي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال دع
(١٨١)