والطية العزم والموضع قاله ابن الأعرابي وانتويت موضع كذا أي قصدته للنجعة. ويقال للبلد المنوي نوى أيضا. ويقال نواك الله أي حفظك كأن المعني قصد الله بحفظه إياك. فالنية عزم القلب على عمل فرض أو غيره هذا كلام الأزهري: وكذا ذكر غيره تشديد الياء وتخفيفها من النية: وأما الوضوء فهو من الوضاءة بالمد وهي النظافة والنضارة وفيه ثلاث لغات أشهرها أنه بضم الواو اسم للفعل وبفتحها اسم للماء الذي يتوضأ به: قال ابن الأنباري وغيره وهذه اللغة هي قول الأكثرين من أهل اللغة والثانية بفتح الواو فيهما وهي قول الخليل والأصمعي وابن السكيت وغيرهم قال الأزهري والضم لا يعرف والثالثة بالضم فيهما وهي غريبة ضعيفة حكاها صاحب مطالع الأنوار: وهذه اللغات هي التي في الطهور والطهور وقد سبقت في أول كتاب الطهارة والله أعلم * وأما قول المصنف الطهارة ضربان: طهارة عن حدث وطهارة عن نجس: فمعناه أن الطهارة منحصرة في هذين الضربين فيرد عليه تجديد الوضوء والأغسال المسنونة فإنها طهارة: وليس فيها رفع حدث ولا إزالة نجس: ويجاب عنه بأن المراد بطهارة الحدث الطهارة بسبب الحدث أو على صورتها:
وينقسم إلى رافعة للحدث وغير رافعة كتجديد الوضوء والأغسال المسنونة والتيمم وقد سبق مثل هذه العبارة في أول باب ما يفسد الماء من الاستعمال. وذكر المصنف هناك ما يدل على ما ذكرته والله أعلم: وقوله كترك الزنا هو بالقصر والمدلغتان القصر أشهر وأفصح وبه جاء القرآن (ولا تقربوا الزنا) وقوله لأنها من باب التروك معناه أن المأمور به في إزالة النجاسة ترك ما طرأ عليه مما لم يكن: وليس المطلوب تحصيل شئ بخلاف الوضوء وشبهه فان المأمور به ايجاد فعل لم يكن: فصارت إزالة النجاسة كترك الزنا واللواط ورد المغصوب فإنها لا تفتقر إلى نية: فان قيل فالطهارة عن الحدث ترك أيضا فإنها ترك للحدث: فالجواب لا نسلم أنها ترك بل ايجاد للطهارة بدليل أن تجديد الوضوء والتيمم طهارة ولا ترفع حدثا وإنما توجد الطهارة:
فان قيل الصوم ترك ويفتقر إلى النية فالجواب أن الصوم كف مقصود لقمع الشهوة ومخالفة الهوى