(مسألة 67): إذا حاصر المسلمون حصنا من حصون أهل الكتاب فقتل الرجال منهم وبقيت النساء، فعندئذ إن تمكن المسلمون من فتح الحصن فهو، وإن لم يتمكنوا منه فلهم أن يتوسلوا إلى فتحه بأية وسيلة ممكنة، ولو كانت تلك الوسيلة بالصلح معهن إذا رأى ولي الامر مصلحة فيه، وبعد عقد الصلح لا يجوز سبيهن لعموم الوفاء بالعقد، فما قيل من جواز إظهار عقد الصلح معهن صورة وبعد العقد المزبور يجوز سبيهن فلا دليل عليه، بل هو غير جائز، لأنه داخل في الغدر.
وأما إذا فتحه المسلمون بأيديهم فيكون أمرهن بيد ولي الامر، فإن رأى مصلحة في إعطاء الأمان لهن وأعطاه لم يجز حينئذ استرقاقهن، وإن رأى مصلحة في الاسترقاق والاستعباد تعين ذلك.
(مسألة 68): إذا كان الذمي عبدا فأعتق، وحينئذ إن قبل الجزية ظل في دار الاسلام، وإن لم يقبل منع من الإقامة فيها واجبر على الخروج إلى مأمنه، ولا يجوز قتله ولا استعباده على أساس أنه دخل دار الاسلام آمنا.
(مسألة 69): تقدم عدم وجوب الجزية على المجنون مطبقا، وأما إذا كان أدواريا فهل تجب عليه أو لا، أو فيه تفصيل؟ وجوه، وعن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي (قدس سره) اختيار التفصيل بدعوى أنه يعمل في هذا الفرض بالأغلب، فإن كانت الإفاقة أكثر وأغلب من عدمها وجبت الجزية عليه، وإن كان العكس فبالعكس.
ولكن هذا التفصيل بحاجة إلى دليل ولا دليل عليه، فالعبرة حينئذ إنما هي بالصدق العرفي، فإن كان لدى العرف معتوها لم تجب الجزية عليه وإلا وجبت، ففي معتبرة طلحة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " جرت السنة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه، ولا من المغلوب عليه عقله ". (1)