لأنه كالفرار عن الزحف في حرب المشركين، والحاصل أنه تجب مقاتلتهم حتى يفيئوا أو يقتلوا، وتجري على من قتل فيها أحكام الشهيد لأنه قتل في سبيل الله.
(مسألة 59): المشهور (1) - بل ادعي عليه الاجماع - أنه لا يجوز قتل اسرائهم، ولا الاجهاز على جريحهم، ولا يتبع مدبرهم إذا لم تبق منهم فئة يرجعون إليها، وأما إذا كانت لهم فئة كذلك فيقتل أسراؤهم ويجهز على جريحهم، ويتبع مدبرهم، ولكن إتمام ذلك بالدليل مشكل، فإن رواية حفص بن غياث التي هي نص في هذا التفصيل ضعيفة سندا كما مر، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الطائفتين من المؤمنين إحداهما باغية والأخرى عادلة، فهزمت العادلة الباغية؟ قال (عليه السلام): " ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبرا، ولا يقتلوا أسيرا، ولا يجهزوا على جريح، وهذا إذا لم يبق من أهل البغي أحد ولم يكن فئة يرجعون إليها " الحديث. (2) وعليه فلا يمكن الاعتماد عليها.
وأما معتبرة أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): إن عليا (عليه السلام) سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أهل الشرك! قال: فغضب ثم جلس ثم قال: " سار والله فيهم بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الفتح، إن عليا كتب إلى مالك وهو على مقدمته في يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل، ولا يقتل مدبرا، ولا يجهز على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن " الحديث (3) فهي قضية في واقعة، فلا يستفاد منها الحكم الكلي، كما يظهر من روايته الأخرى قال: قلت لعلي بن كتاب الجهاد - أحكام أهل الذمة...