وقد يحتاج الوصي في تمييز مراتب الحاجة واستبانة ما هو الأصلح والأجدى نفعا إلى الاستعانة بالآخرين ليقدم ما يجب تقديمه، والانسان إنما يكلف بمقدار ما يعلم وما يستطيع، ولكن لا بد من النظر وبذل الجهد المستطاع.
وإذا دلت القرائن أو العرف العام بين الناس على إرادة شئ معين من الوجوه كان العمل عليه.
[المسألة 134:] قد يقول بعض الناس: وصيي فلان، ولا يوضح ما يعني من الوصية، أهي وصية بتجهيزه بعد الموت أم بدفنه في موضع خاص يريده، أم بقضاء ديون للناس عليه، أم باستيفاء حقوق له على الآخرين، أم باخراج ثلث له من تركته، وفي أي وجه ينفق الثلث إذا أخرج، بأداء واجبات شرعية عليه أم بغير ذلك من الوجوه المحتملة، ولا تدل القرائن الخاصة ولا العامة على تعيين شئ فتكون الوصية لغوا لا أثر لها.
وقد يستعمل هذا النوع من الوصايا عند بعض القبائل، ويكون المتعارف بين تلك القبائل إنها وصية تامة، فالوصي الذي عينه الشخص الموصي يقوم بتقسيم تركته على ورثته على الوجه المطلوب، ويخرج منها ثلثه، ويبقى الثلث بيد الوصي، ويقوم الوصي قبل ذلك برد أمانات الناس وودائعهم إليهم، واسترجاع أمانات الموصي وودائعه التي له عند الناس، ويقوم أيضا بوفاء ما على الميت من الديون إذا كانت عليه ديون، أو يوقع التراضي ما بين الديان والورثة على بعض الوجوه، ويستوفي ما له على الناس من حقوق إذا كانت له عليهم حقوق، ويقوم مع الورثة بنقل جنازته إلى بعض المشاهد بما يفي بذلك من الثلث، ويقوم بفاتحته وتوفية شؤونها من الثلث أيضا، ومما يتبرع به المتبرعون لذلك، وينفق الباقي من الثلث في وجوه الخير، ورد المظالم بالرجوع إلى أهل المعرفة بذلك أو الرجوع إلى الحاكم الشرعي، فإذا دل التعارف العام على قصد ذلك في الوصية، صحت ووجب انفاذها فيه.
ويشكل الأمر في ثبوت ولاية هذا الوصي على القاصرين من أولاد الموصي، فلا بد من الاحتياط بأن يستأذن في تصرفه في أموالهم