فقد علم تفصيلا بأن ذمة الشخص المحال عليه قد برئت من دين المحيل إما بالحوالة من المحيل، وإما بدفع الدين إلى وكيله، وعلم أيضا بأن ذمة المحيل قد برئت من دين دائنه، إما بالحوالة وإما باستيفاء الدائن دينه بالوكالة بعد أن قبض المال من المدين المحال عليه، وعلم بأن الدائن قد ملك المال المحال به إما بالحوالة وإما بقبض الدائن المال لنفسه بالوكالة، وإذا سقطت الأصول كما بينا فلا يكون قول مدعي الوكالة ومنكر الحوالة موافقا للحجة ليحكم بتقديم قوله مع اليمين.
على أن الظاهر أن الدعوى في هذه الصورة تكون ساقطة بنفسها لأنها ليس لها أثر ملزم لأحد الطرفين، فلا تكون مقبولة.
[المسألة 34:] (الصورة الثالثة): أن يكون التنازع بينهما في ذلك بعد أن يقبض الدائن المال من المحال عليه وتكون الوكالة المدعاة هي وكالة المدين للدائن في أن يقبض المال من المحال عليه ويبقيه أمانة بيده يراجع المدين في أمرها ولا ريب في براءة ذمة المحال عليه من دين المحيل إما بالحوالة وإما بدفع دينه إلى وكيله.
ولكن دين المحال على المحيل لا يزال مشكوك البقاء، فتجري فيه أصالة بقاء اشتغال ذمة المحيل للمحال، وتجري كذلك أصالة عدم ملكية المحال للمال الذي قبضه من المحال عليه، فيكون قول من يدعي الوكالة وينكر الحوالة موافقا لهذين الأصلين، فإذا لم تكن لمدعي الحوالة بينة لاثبات قوله، فالقول قول المنكر مع يمينه.
[الفصل الثاني] [في الكفالة] [المسألة 35:] الكفالة هي أن يتعهد الانسان لانسان آخر باحضار شخص معين له عليه حق، مال أو غيره، بل تعم أي شخص يستحق احضاره في مجلس الشرع وإن لم يثبت عليه الحق بعد، فيكون التعهد باحضاره من الكفالة المصطلحة، فالانسان المتعهد باحضار ذلك الرجل كفيل، والانسان