[كتاب الوقف وتوابعه] وفيه ثمانية فصول [الفصل الأول] [في الوقف وشروطه] [المسألة الأولى:] الوقف صدقة جارية باقية كما وصفته الأحاديث الكثيرة الواردة عن الرسول صلى الله عليه وآله وعن أئمة الهدى المطهرين من آله، صلوات الله عليهم أجمعين، فعن الإمام أبي عبد الله (ع): (ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال، صدقة أجراها في حياته، وهي تجري بعد موته، وسنة هدى سنها فهي يعمل بها بعد موته، وولد صالح يدعو له).
وفي الصحيح عن معاوية بن عمار: (قلت لأبي عبد الله (ع): ما يلحق الرجل بعد موته، قال: سنة يسنها يعمل بها بعد موته فيكون له مثل أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شئ، والصدقة الجارية تجري من بعده، والولد الطيب يدعو لوالديه بعد موتهما ويحج ويتصدق ويعتق عنهما ويصلي ويصوم عنهما). ومن ذلك ومن أمثاله مما ورد فيه يعلم عظم أجره وكبير خطره في الاسلام.
[المسألة الثانية:] الوقف هو أن يحبس الانسان العين المملوكة له ويسبل منفعتها.
وتحبيس العين: هو المنع من التصرف فيها على الوجه الذي يتصرف به في الأعيان المملوكة، فلا تباع ولا توهب ولا تورث ولا تنقل بأي ناقل شرعي وتبقى على وجهها الذي وقفت عليه مؤبدة محبوسة، وتسبيل المنفعة هي إباحة المنفعة التي قصدها الواقف من تلك العين، للموقوف عليهم أو في الجهة المعينة التي وقفت العين عليها أو لأجلها على المناهج التي يأتي بيانها في مواضعها إن شاء الله تعالى.