وإذا اتفق أن ملك الرجل العبد جاز للوكيل عتقه وبيعه، وإذا ملك الدار جاز للوكيل وقفها وإجارتها، وهكذا.
[المسألة 23:] الوكالة كما ذكرنا من قبل استنابة للوكيل في أن يوجد الشخص العمل أو الشئ الذي يوكله فيه، ولذلك فيشترط في صحة الوكالة أن يكون العمل أو الشئ الذي يوكل الانسان غيره في ايجاده مما يقبل النيابة.
وتوضيح ذلك: أن الأعمال والأشياء التي لاحظها الشارع الأعظم ورتب عليها أحكامها وآثارها قد يكون الشارع قد اعتبر فيها أن تصدر من الانسان بنحو المباشرة بنفسه، فلا تكون وافية بالغاية التي أرادها وجعل الأحكام من أجلها إلا إذا صدرت من الانسان كذلك، ومن أمثلة ذلك الصلاة والصيام، المفروض منهما والمندوب في الغالب، والحج والعمرة والطهارات الثلاث: الوضوء والغسل والتيمم في الأكثر، فإن الشارع قد اعتبر في هذه الأعمال أن يوجدها المكلف بنفسه بنحو المباشرة عدا ما استثني منها وهو ما يأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى، فيكون هذا النوع من الأعمال والأشياء مما لا يقبل النيابة.
وقد تكون مما لم يعتبر الشارع فيها أن تصدر من الانسان بنحو المباشرة، بل لاحظ أنه يكفي في صحتها وحصول الغاية المقصودة منها وترتب الأحكام والآثار عليها مجرد صدورها من الانسان ولو بنحو التسبيب، كما هو الحال في أكثر المعاملات والأعمال وفي بعض العبادات، ويكون هذا النوع مما يقبل النيابة.
[المسألة 24:] المتبع في تمييز أحد هذين النوعين من الأعمال والأشياء عن الآخر هو ما دلت عليه ظواهر الأدلة الشرعية المثبتة لأحكام تلك الأشياء وآثارها وما تدل عليه اطلاقاتها المقامية والقرائن العامة الحافة بها، من الاعتماد في ذلك على فهم المتشرعة وأهل العرف من تلك الأدلة فيمتاز بذلك ما يقبل النيابة وما لا يقبلها.